26 عامًا على العرش: الأردن تحفة سياحية عالمية
د. سالم سلامة حراحشة
10-06-2025 07:49 PM
عيد الجلوس الملكي السادس والعشرين: رؤية ملكية شاملة تعمق مسيرة السياحة الأردنية نحو العالمية والاستدامة والريادة في التعليم السياحي.
مع حلول ذكرى عيد الجلوس الملكي السادس والعشرين لجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم، تتجدد في قلوب الأردنيين مشاعر الفخر والاعتزاز بمسيرة قائد استثنائي، قاد وطنه نحو آفاق رحبة من التحديث والتنمية في شتى القطاعات. وفي هذا السياق، تبرز مسيرة السياحة الأردنية كنموذج حي للرؤية الملكية الشاملة التي حولت التحديات إلى فرص، ووضعت المملكة على خارطة السياحة العالمية بقوة وثبات، مرتكزةً بشكل أساسي على التعليم السياحي المتخصص.
على مدى ستة وعشرين عاماً، لم تكن توجيهات جلالة الملك للسياحة مجرد دعم قطاعي، بل كانت جزءاً لا يتجزأ من استراتيجية وطنية متكاملة تهدف إلى تعزيز موقع الأردن الاقتصادي والاجتماعي والثقافي. هذه الرؤية الشمولية تجلت في عدة محاور أساسية:
1. تعزيز البنية التحتية المتكاملة:
لم يقتصر اهتمام جلالته على المواقع السياحية بحد ذاتها، بل امتد ليشمل تطوير شامل للبنية التحتية التي تخدم القطاع. من تحديث المطارات الدولية والمحلية، مروراً بشبكة الطرق الحديثة التي تربط المواقع السياحية ببعضها البعض، وصولاً إلى تطوير الموانئ والمنافذ الحدودية. هذه البنية التحتية المتينة كانت حجر الزاوية في تسهيل وصول السياح وتقديم تجربة سلسة لهم، مما أسهم في زيادة أعداد الزوار وتنوع مصادرهم.
2. التنويع السياحي والمنتجات الجديدة:
أدرك جلالة الملك مبكراً أهمية تنويع المنتج السياحي الأردني ليتجاوز الاعتماد على السياحة التاريخية والدينية فقط. وبتوجيهات ملكية، تم التركيز على تطوير أنماط سياحية جديدة تلبي تطلعات شرائح واسعة من الزوار:
السياحة العلاجية والاستشفائية: تعزيز مكانة البحر الميت وحمامات ماعين كوجهات عالمية للعلاج والاسترخاء.
سياحة المغامرات والبيئة: تسليط الضوء على جماليات وادي رم، البترا، والمحميات الطبيعية، وجعلها مركزاً للأنشطة الخارجية والمغامرات.
سياحة المؤتمرات والحوافز: دعم البنية التحتية اللازمة لاستضافة الفعاليات الدولية الكبرى، مما يجذب سياحة الأعمال ذات الإنفاق المرتفع.
السياحة الثقافية والفنية: إحياء المهرجانات والتراث الأردني لتقديم تجربة ثقافية أصيلة للزوار.
3. الريادة في التعليم السياحي وتأهيل الكفاءات:
إدراكاً لأهمية العنصر البشري كحجر زاوية في جودة الخدمة السياحية، أولى جلالة الملك اهتماماً خاصاً بالتعليم السياحي والتدريب المهني. شهدت الجامعات والكليات والمعاهد المتخصصة في السياحة والفندقة تطوراً كبيراً، لرفد القطاع بكفاءات أردنية مؤهلة عالمياً. تم التركيز على تطوير المناهج لتواكب أحدث التطورات العالمية في صناعة السياحة، وتوفير التدريب العملي، وتشجيع الشراكات بين المؤسسات الأكاديمية والقطاع الخاص. هذا الاستثمار في رأس المال البشري ضمن أن الأردن لا يقدم فقط مواقع سياحية، بل يقدم تجربة ضيافة متميزة تعتمد على كفاءة واحترافية أبنائه.
4. تمكين القطاع الخاص وخلق فرص العمل:
شكل تمكين القطاع الخاص العمود الفقري لنمو السياحة. فبتشجيع الاستثمار وتبسيط الإجراءات، ازدهرت الفنادق والمنتجعات والشركات السياحية، مما وفر آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة للأردنيين، خاصة الشباب والمرأة، وأسهم في تحسين مستوى المعيشة في المجتمعات المحلية المحيطة بالمواقع السياحية.
5. الدور الملكي والعائلي في الترويج السياحي العالمي:
لم يقتصر الترويج للأردن على الحملات التسويقية الرسمية، بل تعدى ذلك إلى دور محوري لجلالة الملك عبدالله الثاني وأفراد العائلة المالكة في الترويج المباشر وغير المباشر للأردن على الساحة الدولية. فمن خلال زيارات جلالته الرسمية لدول العالم، ولقاءاته بقادة الرأي وصناع القرار ورموز الإعلام العالمية، كان جلالته دائماً السفير الأول للأردن، مبرزاً ما يتمتع به من استقرار وأصالة وتنوع، ومسلّطاً الضوء على كنوزه السياحية والتراثية. كما ساهمت مشاركات جلالة الملكة رانيا العبدالله في المحافل الدولية، وحضور أصحاب السمو الأمراء والأميرات في فعاليات عالمية، في بناء صورة إيجابية ومشرقة للأردن، وتعزيز مكانته كوجهة آمنة ومفضلة للاستثمار والسياحة، وإبراز قيم التسامح والاعتدال التي يحتضنها الوطن. هذا التفاعل الملكي المستمر مع العالم أسهم بشكل كبير في فتح أسواق جديدة وجذب فئات متنوعة من السياح.
6. الاستدامة والحفاظ على التراث:
لم تقتصر الرؤية الملكية على التنمية فحسب، بل شملت أيضاً التأكيد على أهمية الاستدامة البيئية والحفاظ على التراث الثقافي والطبيعي للأردن للأجيال القادمة. فجلالته لطالما شدد على ضرورة الموازنة بين التنمية السياحية وحماية الموارد الطبيعية والمواقع الأثرية، لضمان استمرارية هذا القطاع الحيوي.
في عيد الجلوس الملكي السادس والعشرين، يقف الأردن شامخاً، يواصل مسيرته نحو مستقبل مزدهر، مستنداً إلى الإنجازات التي تحققت في ظل قيادة حكيمة ورؤية ملكية شاملة، جعلت من السياحة الأردنية قصة نجاح تروى، ومحركاً رئيسياً للعجلة الاقتصادية والتنمية الشاملة.