facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الجيش العربي الأردني: حين تصبح الراية عهدًا لا شعارًا


صالح الشرّاب العبادي
10-06-2025 08:48 PM

في كل عام، يُطلّ علينا عيد الجيش وعيد الثورة العربية الكبرى لا كطقس احتفالي في رزنامة وطنية، بل كتاريخ حيّ، يتنفس في وجدان الأردنيين، ويسكن في تفاصيل كرامتهم وصمودهم.

ليس الجيش العربي مجرد مؤسسة وطنية؛ إنه وجدان قومي، يتجاوز الجغرافيا، ويحمل عبء الرسالة التي بدأت من بطحاء مكة يوم أن أعلن الشريف الحسين بن علي ثورته على الظلم والخذلان، واضعًا نُصب عينيه نهضة أمة لا استبدال سلطان.

لكن ما يجعل الجيش العربي الأردني مختلفًا عن كل جيوش العرب، أن تأسيسه لم يكن قرارًا بيروقراطيًا في دولة ناشئة، بل امتدادًا عضويًا لثورة لم تُنجز مشروعها بعد، فكان هو حارس الإرث، ووارث الوعد، والمجسّد العسكري للهوية القومية الجامعة.

من الثورة إلى المؤسسة: تحوّل لم يُبدد المعنى

حين اجتمعت النخبة المؤمنة بالثورة العربية تحت راية سمو الأمير عبدالله بن الحسين في معان عام 1920، لم يكونوا يؤسسون قوة أمن داخلي، بل يحيون جذوة مشروع عربي غُدِر به بعد الحرب العالمية الأولى ، ومن هنا فإن الجيش العربي لم يُبنَ فقط على أساس انضباطي أو إداري، بل على إرث قيمي سياسي، ما زال حتى اللحظة يميّزه عن غيره.

تطوّر الجيش لم يكن بمعزل عن تطور الدولة الأردنية؛ بل كان في قلب عملية البناء الوطني، فكان أول ما تأسس قبل الوزارات والبرلمان، لأنه كان ضرورة وجودية، لا مرفقًا وظيفيًا ، ومن القوة السيارة إلى الكتائب والألوية، ظلّ الجيش العربي مخلصًا لفكرته الكبرى: الأمن لا يُبنى بالعصا، بل بالشرعية؛ والوطن لا يُحمى بالسلاح فقط، بل بالإيمان بعدالة القضية.

ما لا يُقال عادةً: الجيش كمؤسسة أخلاقية

قد تغيب هذه الحقيقة عن كثير من الكتابات: الجيش العربي الأردني هو أحد القلائل الذين لم تنكسر فيهم عقيدة الجندية أمام طوفان التسييس أو الزبائنية، كان محصنًا بحكمة القيادة الهاشمية، وبإيمان الجنود أنفسهم أن الخدمة ليست وظيفة، بل امتداد لرسالة تاريخية.

فهو الجيش الذي لم ينقلب على شعبه، ولم يقمع ثوراته، ولم يتحول إلى أداة حكم بقدر ما بقي أداة بقاء، وبهذا المعنى، فإن مؤسسة الجيش تمثل في الوعي الأردني خطًا أحمر، لا من باب الخوف، بل من باب التقدير والاحترام.

الراية التي لم تسقط

حين نحتفل اليوم بعيد الجيش، فإننا لا نستذكر فقط معارك باب الواد والكرامة، بل نستحضر موقفًا ثابتًا في زمن المواقف السائلة ، نستذكر أن هذا الجيش رغم التحديات والظروف والضغوط الإقليمية، لم يتورط في حروب عبثية، ولم ينزلق إلى صراعات داخلية، ولم يُستدرج إلى مشاريع التطبيع التي أنهكت جيوشًا كانت تُرفع كشعارات.

وإنما ظل على عهده، جيشًا عربيًا في عقيدته، وطنيًا في سلوكه، ملتزمًا بحماية الأردن، وفلسطين في وجدانه، والعروبة في قسمه العسكري، الذي يبدأ بالله، وينتهي بالشرف.

ما بعد الراية

الجيش ليس مجرد زيّ عسكري واحتفالات بروتوكولية، هو المؤسسة التي يُفترض أن تبقى خارج التجاذبات، فوق السياسات، وضدّ الإحباط الوطني. ولذلك فإننا حين نحتفل بعيد الجيش والثورة العربية الكبرى، نحتفل بما هو أعمق: بعقد اجتماعي غير مكتوب، يقول إن هذا الجيش وُجد ليبقى، لا ليُستعمل.

وإن الأمل اليوم، في زمن الاستهدافات الكثيرة، أن تبقى هذه المؤسسة كما كانت: سيفًا لا يُشهر إلا بحق، ودرعًا لا ينكسر، وراية لا تسقط… لأنها راية الثورة، لا السلطة.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :