facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الحوكمة الرقمية والذكاء الاصطناعي


عيسى الحلبي
12-06-2025 10:40 AM

* كيف يمكن للذكاء الاصطناعي تعزيز النزاهة والشفافية في الأردن؟

مع تزايد التحديات المرتبطة بالفساد وتصاعد المطالبة بالمساءلة والنزاهة وتقديم خدمات عامة أكثر كفاءة، يواجه الأردن، كما العديد من الدول الأخرى، خيارًا محوريًا. فالحاجة إلى أدوات جديدة تعزز الشفافية وتعيد بناء الثقة بين الدولة والمواطن أصبحت أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى. ومن بين أكثر هذه الأدوات الواعدة، يبرز الذكاء الاصطناعي، ليس كترقية تقنية فحسب، بل كقوة قادرة على تحويل الحوكمة الرقمية إلى منظومة موثوقة تستند إلى مبادئ أخلاقية ونتائج قابلة للقياس.

لقد أثبت الذكاء الاصطناعي قوته عالميًا، حيث يمكنه الكشف المبكر عن مؤشرات الفساد، ومراقبة الإنفاق العام، وتحليل كميات هائلة من البيانات في الوقت الفعلي. هذه القدرات تمنح الحكومات فرصة للتدخل السريع، واستخدام الموارد بكفاءة، وتقديم تقارير موثوقة وفي الوقت المناسب تعزز الثقة المدنية. وبالنسبة للأردن، فإن هذه الأدوات تتيح فرصة مهمة للانتقال من أساليب الإدارة التقليدية إلى نموذج أكثر ذكاءً وشفافية في الحوكمة.

وتشير الجهود الحكومية الأخيرة في الأردن إلى إدراك متزايد لهذه الإمكانيات. فقد بدأت بعض المشاريع في القطاع العام باستخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات وتتبع الأداء، وربط الإنفاق المالي بالأهداف الاستراتيجية. ورغم أن هذه المبادرات لا تزال في مراحلها الأولى، إلا أنها تضع الأساس لتطوير أنظمة أكثر فاعلية تركز على الشفافية والمساءلة العامة.

ومن اللافت أن النقاش حول التحول الرقمي في الأردن بات يرتبط بشكل متزايد بمبادئ النزاهة، وليس فقط بالكفاءة. فمع دمج الذكاء الاصطناعي في الإدارة العامة، تفتح آفاق جديدة للإصلاح، من خلال أتمتة عمليات الشراء الحكومي، وضمان التوزيع العادل للدعم، ومراقبة تنفيذ المشاريع الوطنية. ويمكن تحسين كل هذه العمليات من خلال خوارزميات مصممة لتكون شفافة ومتسقة وأقل عرضة للأخطاء البشرية أو التحيز.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن لأدوات الذكاء الاصطناعي تحليل شكاوى المواطنين، واكتشاف أنماط المشكلات النظامية، وتحديد المؤسسات التي تظهر باستمرار أداءً ضعيفًا أو علامات على وجود فساد إداري. وهذا يساهم في بناء إطار مبكر للإنذار يمكن أن يلعب دورًا محوريًا في صنع السياسات وتعزيز الرقابة العامة في الأردن.

لكن كل ذلك لن ينجح دون وجود أطر قانونية وأخلاقية ومؤسسية مناسبة. فالحوكمة الرقمية لا تعني تفويض القرار للخوارزميات، بل تتطلب توازنًا دقيقًا بين التقدم التكنولوجي والإشراف البشري. وحتى يكون الذكاء الاصطناعي داعمًا فعليًا للنزاهة، لا بد أن يعمل ضمن قواعد واضحة، ويحمي الخصوصية، ويظل خاضعًا للمساءلة أمام المؤسسات الديمقراطية.

إن الأردن اليوم أمام لحظة حاسمة. فلديه فرصة للاستثمار في الذكاء الاصطناعي ليس فقط كأداة للتحديث، بل كعنصر أساسي في بناء منظومة حوكمة موثوقة. ويتطلب ذلك سياسات منسقة، وتنظيمًا حازمًا لحوكمة البيانات، وتعاونًا بين الجهات الرسمية، وعقيدة مجتمعية ترى في الشفافية حقًا أساسيًا، لا امتيازًا.

في النهاية، لا يمكن تحقيق نزاهة مستدامة دون أنظمة رقمية موثوقة، ولا يمكن بناء ثقة عامة طويلة الأمد من دون شفافية مؤسسية مدعومة بتقنيات ذكية. ويمتلك الأردن فرصة حقيقية لقيادة نموذج إقليمي يُظهر كيف يمكن للذكاء الاصطناعي، إذا استُخدم بمسؤولية، أن يشكل أساسًا لحوكمة أنظف وأكثر ذكاءً وعدالة.

في زمن أصبحت فيه البيانات مصدر قوة، والخوارزميات تؤثر بشكل متزايد في الحياة العامة، لم تعد النزاهة الرقمية مجرد رؤية مستقبلية، بل ضرورة حيوية لأي حكومة تريد أن تخدم شعبها بصدق وحكمة.

* مستشار وزير المياه لشؤون الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :