كيف نحمي سماءنا؟ .. سيادة الأجواء بين نار الردع وخطر الانزلاق إلى المواجهة
صالح الشرّاب العبادي
13-06-2025 12:07 PM
في ظل التصعيد غير المسبوق بين إسرائيل وإيران، ومع الضربة التي طالت عمق المنشآت النووية والعسكرية الإيرانية، تدخل المنطقة مرحلة حرجة من الردع والردع المتبادل، عنوانها: “السماء أولاً”. فالعمليات العسكرية لم تعد تُدار فقط من قواعد برية، بل من أجواء الدول المجاورة التي تتحول - دون قرار منها - إلى ممرات للقتال أو ميادين محتملة للرد.
والسؤال الآن: كيف نحمي سماء الأردن، ونمنع تحويلها إلى ميدان صامت في حرب المواجهات ؟
السيادة الجوية ليست رمزية
لطالما حافظ الأردن على مبدأ واضح في سياسته الخارجية: منع استخدام سماء الوطن وأجواءه لمحاور الصراع، والتمسك بسيادته على كل ذرة تراب وامتداد من أجوائه ، ومع تصاعد التوتر بين إيران وإسرائيل، تزداد احتمالات استخدام الأجواء الأردنية سواء كممر للطيران الحربي الإسرائيلي، كمجال جغرافي للرد الإيراني عبر صواريخ أو طائرات مسيّرة تمرّ عبر العراق باتجاه إسرائيل.
إن مفهوم السيادة لم يعد يقتصر على ضبط الحدود، بل يتطلب امتلاك قدرة الإنذار المبكر، والدفاع الجوي الفعال، والقرار السياسي الحازم.
تجنّب الحياد السلبي
الحياد لا يعني الضعف ، ويجب أن يكون الموقف الأردني واضحًا بأن الأجواء الأردنية ليست ممرًا ولا منطلقًا لأي اعتداء على أي دولة، وأن أي اختراق جوي من أي طرف يُعد خرقًا للسيادة ، وهنا لا بد من:
• رفع الجاهزية العسكرية التقنية والاستخبارية لمنظومة الدفاع الجوي.
• تنسيق عاجل مع القوى الكبرى لبيان موقف الأردن ومطالبته العلنية بتحييده عن أي رد متبادل وعدم استخدام أجواءه في هذا الصراع .
• تكثيف الاتصالات مع الدول العربية المجاورة لضبط ما قد ينطلق من الأراضي والدول الموالية لايران تجاه الأردن أو عبره.
تحييد الأجواء يعني تحييد الخطر
أي عمل عسكري يستخدم الأجواء الأردنية يعرضنا لـ:
• ردود فعل محتملة، وهذا الردود قد تؤدي إلى تصعيد عسكري.
• تهديد أمن المدنيين واستقرار الوطن ولنا سابقة عندما ردت ايران على اسرائيل واستخدمت الاجواء الأردنية رغم كل الرفض .
• جغرافية الأردن وموقعها فيما بين اطراف الصراع حساس جداً واستخدام السماء الأردنية هو الأقرب احتمالاً ، وهذا يتطلب تحرك دبلوماسي قوي جداً لمنع استخدام أجواءنا ..
ما يجب فعله الآن:
• الإعلان عن موقف سياسي علني وواضح: الأردن لن يسمح باستخدام أجوائه لأي عمليات عسكرية.
• تفعيل مذكرات التفاهم الدفاعية مع الدول الشقيقة لضبط الحدود الجوية، خصوصًا مع الدول المحيطة بنا .
• استدعاء السفراء (أو القائمين بالأعمال) لتسليم رسالة حازمة بعدم الزج بالأردن في أي رد أو ردع متبادل من خلال استخدام سماءه .
ليست الأجواء الأردنية مجرد فراغ في السماء، بل هي امتداد لكرامة الدولة، ودرعٌ لأمنها الداخلي. وعلينا، في هذا المنعطف الحرج من تاريخ المنطقة، أن نمارس سيادتنا كاملة، وأن نُفهم الجميع بأن سماء الأردن… ليست مفتوحة إلا للحياة…