الضربة الإسرائيلية لإيران .. اغتيالٌ لهيبة الردع واختبارٌ لصبر الإقليم
براء نايف القضاه
13-06-2025 05:17 PM
في عملية عسكرية غير مسبوقة من حيث التوقيت والعمق، نفذت إسرائيل فجر الجمعة هجومًا مركّبَا استهدف منشآت نووية وعسكرية إيرانية، واغتالت قيادات بارزة في الحرس الثوري.
العملية، التي تزامنت مع تصاعد التوتر في الإقليم، تجاوزت كونها ضربة محدودة، لتشكّل تحوّلًا في قواعد الاشتباك، ورسالة صريحة بأن الأمن الإسرائيلي – كما تراه تل أبيب – لا يعرف حدودًا جغرافية ولا سياسية.
وهنا يجب أن نتوقف عند عدة عناوين رئيسية تشكل حقية الغارات و وواقع الحال من منظور عام
اختراق عميق… من الرأس إلى القواعد
ما يميز هذه الضربة ليس قوتها النارية فقط، بل دقّتها الاستخباراتية، فاستهداف شخصيات من الصف الأول في المؤسسة العسكرية الإيرانية، كقائد الحرس الثوري حسين سلامي، ورئيس الأركان محمد باقري، والجنرال غولام علي رشيد، يشير إلى اختراق داخلي واسع النطاق، من غير الممكن تنفيذ مثل هذه الضربات دون دعم معلوماتي داخلي، الأمر الذي يطرح علامات استفهام حول قدرة إيران على حماية قياداتها ومواقعها الحساسة، ويكشف عن خلل خطير في منظومتها الأمنية والاستخباراتية.
مشروعية ضائعة… وعدوان بلا غطاء
إسرائيل سوّقت ضربتها على أنها "دفاع استباقي" ضد برنامج نووي متسارع، لكن القانون الدولي لا يمنح الشرعية لمثل هذه العمليات الأحادية دون وجود خطر وشيك ومثبت، من وجهة نظر القانون الدولي، نحن أمام خرق صريح لسيادة دولة عضو في الأمم المتحدة، دون تفويض أممي، وبعيدًا عن أي مسار تفاوضي، مما يكرّس سابقة خطيرة تهدد استقرار النظام الدولي الهش أصلاً.
إيران والرد قادم… لكن بأي صيغة؟
التاريخ يعلّمنا أن إيران تفضّل الرد عبر الوكلاء لا عبر المواجهة المباشرة، ورغم خطورة الضربة، لا يُتوقع أن تنجرّ طهران إلى حرب مفتوحة، لكنها بالمقابل لن تترك هذا الاختراق يمرّ دون ردّ، الرد قد يأتي من لبنان، أو سوريا ( من قواعد مخفية من زمن النظام القديم) ، أو حتى البحر الأحمر، عبر تحريك أدواتها الإقليمية في حرب استنزاف طويلة، تختبر فيها إسرائيل حدود جبهاتها وتماسك جبهتها الداخلية والتي أصبحت متعددة الاتجاهات.
الأردن في قلب العاصفة… وخارج مرماها
الأردن، بحكم موقعه الجغرافي والسياسي، يجد نفسه بين قطبي المعادلة، ورغم ذلك، تبنّى سياسة متزنة تقوم على الحياد النشط، مع تأكيده الحاسم بعدم السماح باستخدام أراضيه أو أجوائه لأي عمليات عسكرية.
وفي هذا السياق، تعمل المملكة على تعزيز منظومتها الدفاعية والاستخبارية، بالتوازي مع دور دبلوماسي هادئ يسعى إلى منع انزلاق المنطقة نحو المواجهة الشاملة.
هذه الاستراتيجية الأردنية الذكية لا تُبنى على ردود الأفعال، بل على قراءات عميقة للواقع الإقليمي، وتأكيد على أولوية الأمن الوطني وعدم الانخراط في حسابات الآخرين.
وهنا علينا السؤال إلى أين يتجه المشهد الإقليمي؟
إن الهجوم الإسرائيلي يعمّق هشاشة المشهد الإقليمي، ويهدد بإعادة تشكيل المنطقة وفق منطق القوة لا وفق مبادئ القانون والردع المتبادل، وإذا لم تُضبط الأمور سريعًا، فنحن أمام مرحلة جديدة من الانفجارات المتنقلة، واحتمال تشكّل "جبهات متعددة" قد تتحول إلى صراع طويل الأمد.
في هذه اللحظة الحرجة، يصبح صوت العقل والدبلوماسية أكثر ضرورة من أي وقت مضى، وتصبح مواقف الدول المتزنة – كالأردن – ركيزة لاستعادة التوازن، أو على الأقل لاحتواء تداعيات الفوضى القادمة.
حمى الله الأردن..