الأردن .. حين يُقلب الوفاء إلى تهمة
صالح الشرّاب العبادي
14-06-2025 01:04 PM
خرج علينا البعض باتهام باطل لا يستند إلى حقيقة ولا إلى ضمير، مدّعيًا أن الدفاعات الجوية الأردنية عملت لحماية الاحتلال الإسرائيلي خلال الضربة التي استهدفت إيران. ولأن الصمت على الباطل خيانة، لا بد من الرد على هذا التزييف المكشوف.
إن الأردن، منذ نشأته، لم يكن في يوم من الأيام إلا في خندق الأمة، وفي مقدّمة من يدافعون عن فلسطين وشعبها، قولًا وفعلًا، سياسةً وميدانًا. وليس سرًا أن الأردن هو الدولة العربية التي دفعت من دمها، وجيشها، واقتصادها، واستقرارها، ما لم تدفعه دول كثيرة، نصرةً لفلسطين، ودفاعًا عن القدس، ووفاءً لوحدة القضية والمصير.
الدفاعات الجوية الأردنية لم تكن يومًا موجهة إلا لحماية السيادة الأردنية، ومنع أي اختراق لأجوائنا، من أي جهة كانت. ما جرى خلال الهجوم على إيران هو قرار سيادي صرف، اتخذه الأردن لحماية أمنه، وأمن مواطنيه، لا لحماية الاحتلال ولا لمجاملة أحد.
الأردن لم ينتظر إذنًا من أحد ليقف مع فلسطين. منذ نكبة 1948، كانت الدولة الأردنية وشعبها على العهد. ومنذ معركة الكرامة، كان الجيش العربي الأردني هو من رفع رأس العرب عاليًا في أول نصر عربي على آلة الاحتلال. ومنذ بدء العدوان على غزة، لم يتوقف الدعم الأردني – الرسمي والشعبي – يومًا واحدًا. مستشفيات ميدانية، قوافل إغاثة، مواقف سياسية صلبة، دعم في المحافل الدولية، وبذلٌ مستمر رغم التحديات والضغوط.
بل إن الأردن – قيادةً وجيشًا وشعبًا – لم يكن يومًا إلا مع العرب، وفي صف الأمة، وفي خندقها. الجيش العربي الأردني لم يوجه بندقيته يومًا إلى صدر عربي، ولم يخن شعبه أو شعبًا شقيقًا، بل كانت بندقيته دومًا مرفوعة في وجه العدو، وشرفه العسكري مرتبط بالعقيدة الراسخة: “إسرائيل هي العدو”.
أما عن الشعب الأردني، فحدّث بفخر وعزة. فهو الشعب الذي تقاسم الخبز مع أشقائه الفلسطينيين، وفتح بيته ومدرسته وشارعه للنازحين واللاجئين، دون مِنّة، بل كواجب وطني وقومي وإنساني.
إن اتهام الأردن بمحاباة العدو أو حماية الاحتلال، هو ظلم صريح، وجحود لكل تلك التضحيات التي قدّمها هذا البلد على مدى قرن كامل من الصراع العربي الإسرائيلي.
وإن المواقف الأردنية تجاه القضية الفلسطينية ليست مواقف طارئة، بل هي من ثوابت الدولة، ومن ركائز السياسة الأردنية في كل عهد، وفي كل محفل.
أن تتعامى عن مواقف الأردن الثابتة، بينما تقيم في حضن دولة كانت ولا تزال من أوائل داعمي الاحتلال، هو قمة التناقض.
من السهل أن تكتب، لكن من الصعب أن تنزف الفعل والوجع اليومي كما يفعل الأردنيون.
من السهل أن ترفع الشعارات، لكن من الصعب أن تتحمل عبء السيادة والموقف في منطقة تغلي بالفتن والمساومات.
سيبقى الأردن عمق فلسطين، وسند الأمة، ودرع الاستقرار العربي، لا يحتاج إلى شهادة من مقيم في المنفى السياسي، يقتات على الإثارة وينسى حقائق الأرض والتاريخ والمواقف..
المزاودة على الأردن مرفوضة، ومحاولات التشويه مردودة.
وإن كنت تبحث عن بطولات من وراء الشاشات، فالأردن لا يحتاج لشهادة منك، بل يشهد له الميدان، ويكفيه فخرًا أنه وقف حيث تراجعت دول، وثبت حيث انهارت مواقف.