الحرب الاسرائيلية الايرانية – قراءة أمنية وسياسية لواقعها
د. إياد الخصاونة
19-06-2025 11:58 AM
على الرغم من القوة العسكرية التي تتمتع بها اسرائيل ، خاصةً في ظل الدعم العالمي وفي مقدمته الولايات المتحدة ، إلا أن ذلك كله لا يمنحها الأمان الذي ترغب فيه ،حيث أن سيكولوجية الاسرائيلي لا تقبل بوجود خطر أو تهديد قريب أو بعيد عنه ،وبالعودة لما حدث مع نظام الرئيس العراقي الاسبق صدام حسين ، وكيف تم انهاؤه والاطاحة به بسبب تهديداته المستمرة لاسرائيل حيث لم يشفع للعراق آنذاك تأكيد بعثات التفتيش الدولية عدم امتلاكه لاسلحة الدمار الشامل ، وتم قصف العراق واجتياحه واحتلاله وتغيير النظام والسيطرة على ثرواته لتعويض فاتورة الحرب ، وكانت تهديدات صدام وامتلاكه لصواريخ كروز كافية للاسرائيليين لاتخاذ قرار القضاء على قوة العراق ونظامه السياسي.
الحالة النفسية للاسرائيلي واستشعاره للخطر المستمر حتم عليه التفوق على الكثيرين في المجالات الامنية والعسكرية والتكنولوجية الحديثة ، ففي الوقت الذي اعتقدت فيه ايران انها تتفوق بمنظموتها العسكرية ولا سيما الصاروخية وبناء الترسانة النووية ، كانت اسرائيل تعمل وتنخر بالجسد الايراني وتتابع عن كثب كافة العمليات العسكرية والأمنية الايرانية ، حتى اصبحت تصول وتجول داخل ايران وتنفذ عملياتها من وسط طهران ، في تفوق استخباري وأمني ملحوظ ، حتى حانت ساعة الصفر لبدء تنفيذ الضربة العسكرية واغتيال قيادات الصف الاول الايراني وعلماء الذرة.
إن المتابع للواقع الحالي لما يحدث في هذه الحرب يدرك أن اسرائيل وصلت لمرحلة اللاعودة ، حيث أنها كشفت معظم أوراقها الاستخبارية والعسكرية ، وما قيامها بالإعلان عن أدواتها داخل ايران ونشاطاتهم الميدانية إلا دليل على أن الورقة الايرانية على وشك السقوط ولن تتراجع اسرائيل عن هدفها بالقضاء على النظام الايراني الحالي وترسانته العسكرية ، وما يؤكد ذلك أن اسرائيل نفذت عمليتها العسكرية ضد ايران بالتزامن مع الجهود الدبلوماسية والتفاوض الامريكي الايراني على انهاء البرنامج النووي الايراني، ومن الواضح أن اسرائيل لم ترغب بإهدار جهودها واستعداداتها ونجاحاتها التي وصلت إليها في خرق المنظومة الامنية الايرانية ، وتهيئتها للمناخ المناسب للبدء بتنفيذ هذه العملية، واقناعها للإدارة الأمريكية أنها مستعدة لتنفيذ هذه المهمة بنجاح ، ولذا تم اعطاء الضوء الاخضر لاسرائيل للبدء بذلك.
وبالنظر إلى موقف الامريكان من هذه الحرب ، وبناءً على فهم طريقة تفكير الرئيس الامريكي ( ترامب ) ، فإنه وفي حال دخول الامريكان في هذه الحرب فهذا يعني دق المسمار الأخير في نعش النظام الايراني الحالي ، وسيتم حينها ليس فقط أنهاء القوة العسكرية الايرانية وانما السيطرة على ثروات ايران النفطية لفترة طويلة ،وهو الشيء الوحيد الذي قد يسيل لعاب ( ترامب ) للانقضاض على ايران ونهب ثرواتها ، وهذا هو الوتر الذي تعزف عليه اسرائيل حالياً لدى الادارة الأمريكية .