facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الوساطة الدبلوماسية المحايدة وفاعليتها في وقف التصعيد المسلح


د. بركات النمر العبادي
19-06-2025 02:55 PM

لقد وجّه جلالة الملك عبد الله الثاني أنظار العالم إلى إمكانية لعب أدوار دبلوماسية محايدة في كل من الحرب الإسرائيلية على غزة وعلى إيران وأزمة الحوثيين في اليمن، لوقف هذه الحروب التي تهدد الوجود الإنساني في المنطقة، كما أنها تهدد المصالح الإنسانية عالميًا لأنها قد تؤدي إلى حرب نووية تطال الإقليم بالدمار والعالم بالأضرار البالغة إذا لم يتم الأخذ على أيدي الدول المارقة في المنطقة. ففي أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962، نجحت الوساطة الأمريكية–السوفيتية في تجنُّب الحرب النووية عبر تفاهم غير مباشر على سحب صواريخ مقابل تنازلات سرّية—وهو نموذج يمكن تكراره بأسلوب إقليمي.

والطرف المؤهل لهذا الدور هو بلا شك الاتحاد الأوروبي للقيام بالوساطة الدبلوماسية المحايدة، والوساطة المحايدة لا يمكن أن تفصل بين غزة والصراع الإيراني–الإسرائيلي والحوثيين في اليمن، بل يجب أن توظِّف هذه الملفات لخلق تفاهم أمني إقليمي مشروط ومؤقت. والاتحاد الأوروبي يملك البنية الدبلوماسية اللازمة لذلك، مكانة الاتحاد تمكّنه من لعب دوره كوسيط غير منحاز مقارنة بالولايات المتحدة المعروف دورها بالانحياز إلى إسرائيل، تمنحه القدرة على التحدث مع الطرفين. فدول مثل فرنسا وألمانيا تملك علاقات قائمة مع كل من إيران وإسرائيل، ما يسمح لها بلعب دور جسر تواصل آمن، كما أنها تدعم إعادة تفعيل "المفاوضات النووية" في فيينا أو جنيف، حيث كان الاتحاد طرفًا رئيسيًا في اتفاق 2015.

إن إسرائيل تقوم بالإجهاز على المكوِّن الإنساني والثقافي في غزة مستغلة بذلك إشغال العالم بانتصاراتها الوهمية على إيران، وإبراز تفوّقها في مجال سلاح الجو كما فعلت بحروبها السابقة مع العرب. وإنه بات من البديهيات أن سلاح الجو لا يشكل وحده ومنفردًا النصر، وإن إخفاء إسرائيل خسائرها على الأرض لا يقلل من فعالية الضربات الصاروخية الإيرانية. ومن الملاحظ في الحرب الإيرانية الإسرائيلية، أنه لا أخلاق فيها، مثلما أنه لا يوجد احترام للقانون الدولي الإنساني، وأصبحت المواقع العسكرية لا تُقصف والمواقع المدنية أصبحت مستهدفة من قبل الطرفين في أراضي الدولتين.

ويمكن للدبلوماسية الكبرى التي تمثلها دول مثل الولايات المتحدة وروسيا والصين بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي أن تؤدي دورًا جوهريًا في منع تحول الصراع الإيراني الإسرائيلي إلى حرب شاملة بمختلف الوسائل المتاحة، إذا ما أرادت ذلك. ولسوف يسجل التاريخ الحديث ضعف هذه الدول (الدول الكبرى) أمام دول مارقة كإسرائيل وأخرى مارقة مثل إيران، وإن انهيار منظومة الردع الأممية ومنظماتها القانونية والإنسانية وتقويضها من الداخل وتخريب هيكليتها من أجل خدمة دولة طارئة مثل إسرائيل وأخرى مارقة مثل إيران وتوريط العالم بحرب أممية ثالثة وأسلحة الدمار حاضرة في المشهد العالمي. ونحن نعلم يقينًا أن الدبلوماسية الكبرى لا تضمن السلام، لكنها تحوِّل كلفة الحرب إلى نقطة ضغط لصنع بدائل واقعية، وكل ما يحتاجه الوضع الإيراني–الإسرائيلي الآن هو: قرارات سريعة، ضغوط متوازنة، وآليات ردع موثوقة تشجع على التهدئة لا التصعيد، وهذا ينسحب على الحرب على غزة والوضع في اليمن.

فالاتحاد الأوروبي يملك الشرعية والتجربة وأدوات النفوذ المرنة التي تؤهله للعب دور محوري في الحد من التصعيد، وفعاليته تعتمد على تحرّكه بشكل مستقل وموحد، وعدم الارتهان للمواقف الأمريكية والشهية الإسرائيلية بالتوسع والهيمنة أو التردد الألماني الفرنسي المتكرر. والوساطة المحايدة تفتح قنوات التواصل ووقف الحرب على غزة، كما أن الوساطة المحايدة التي يمكن أن يقودها الاتحاد الأوروبي أو قوى دولية أخرى، قد تُستخدم كأداة استراتيجية ليس فقط لاحتواء التصعيد بين إيران وإسرائيل، بل أيضًا لوقف الحرب على غزة، باعتبار أن القضيتين متداخلتان ميدانيًا واستراتيجيًا.

ولربط تهدئة غزة بالحل اليمني ضمن رؤية أوروبية استراتيجية، ينبغي العمل ضمن منهج "الحل الإقليمي المشروط"، وهو نموذج دبلوماسي يستخدمه الاتحاد الأوروبي للربط بين ملفات أمنية متفرقة ضمن حزمة تفاوضية شاملة وذلك من خلال الرؤية الأوروبية لربط تهدئة غزة بحل الأزمة اليمنية والتي تقوم على استراتيجية "التفاوض بالحزم": المقترحة والتي تتضمن تقديم حوافز وتفاهمات سياسية واقتصادية لإيران وتهدئة في غزة واليمن، وتهدئة مباشرة في إسرائيل وفلسطين، ووقف التصعيد البحري والنووي. وهذه الرؤية يمكن أن تكون قابلة للتطبيق إذا توفرت الجدية والجرأة الأوروبية في إدارة وساطة متعددة المستويات، بشراكة عربية ودعم دولي، وهذا ما لفت إليه جلالة الملك بدور الاتحاد الأوروبي في وقف التصعيد المسلح في الشرق الأوسط.

حمى الله الأردن وسدد خطى قيادته وشعبه نحو الأمن والسيادة والكرامة.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :