فرصة وسط العاصفة في السياحة الأردنية
ا.د. إبراهيم الكردي
19-06-2025 06:15 PM
تحوّل الأردن في ظل الحرب القائمة بين إيران وإسرائيل إلى ملاذ آمن. فقد أعلنت وزارة السياحة الإسرائيلية ترحيل نحو 20,000 سائح وعامل في الهيئات الدبلوماسية من إسرائيل إلى الأردن، مما شكّل فرصة لتعزيز الحركة السياحية على المدى القصير. ويُعد هذا الرقم مؤشراً لافتاً يعكس رغبة هؤلاء الوافدين في اللجوء إلى بيئة مستقرة، ويؤكد أهمية دور الأردن كبديل لحفظ الأمن والاستقرار في المنطقة.
استقبل الأردنيون هذه الوفود المؤقتة بترحاب يعكس أصالة الضيافة الأردنية، وبدأت المؤسسات السياحية في تهيئة الظروف المناسبة لتقديم خدمات متميزة تضمن تجربة إيجابية لهؤلاء الزوار. ويمكن تحويل هذه التجربة المؤقتة إلى فرصة دائمة إذا ما تم تسويق صورة الأردن كبلد مضياف وآمن، قادر على تلبية تطلعات السياح والدبلوماسيين على حد سواء.
يحب أن يوجّه صناع القرار رسائل مدروسة إلى الهيئات الدبلوماسية المقيمة مؤقتًا في الأردن، تهدف إلى كسب تأييد هذه البعثات بعد عودتها لبلدانها من أجل دعم الأردن اقتصاديًا وسياحيًا. ويمكن تعزيز هذا الاتجاه من خلال تنظيم لقاءات رسمية وثقافية مشتركة، تبرز عناصر القوة في السياحة الأردنية، وتفتح أبوابًا جديدة للتعاون الدولي والترويج السياحي.
يجب ان بهيّئ الأردن الفرصة أمام البعثات الدبلوماسية المقيمة مؤقتًا لزيارة مواقع الحج المسيحي مثل المغطس وجبل نيبو، إلى جانب معالم تاريخية وثقافية كالبتراء ومأدبا وقلعة الكرك. ويُعد هذا الانفتاح السياحي جزءًا من استراتيجية مدروسة لترويج الإرث الحضاري والديني الأردني، وتعويض التراجع الكبير في أعداد السياح نتيجة الحرب الإقليمية. إذ شهدت المملكة انخفاضًا ملحوظًا في الحجوزات السياحية، ما يتطلب تحركًا مدروسًا للاستفادة من الوجود المؤقت للبعثات وتحويله إلى رافعة دبلوماسية وسياحية طويلة الأمد
يحب ان يطالب الأردن، وهو يتحمل أعباء الحرب غير المباشرة، المجتمع الدولي والدول المتنازعة بضرورة تقديم تعويضات عادلة عن الأثر السلبي الذي تعرض له. فالإيواء المؤقت للوافدين، وضغط البنية التحتية، والانكماش المحتمل في إيرادات السياحة، تمثل خسائر حقيقية تستدعي موقفًا مسؤولًا من المجتمع الدولي تجاه المملكة.
أطلق المعنيون بالقطاع السياحي سلسلة من التوصيات القابلة للتنفيذ، شملت تحسين البنية التحتية، وتوسيع السوق السياحية من خلال الحملات الرقمية، وتسهيل منح التأشيرات، وتوفير حوافز استثمارية. كما تم اقتراح إنشاء منصة إلكترونية شاملة، تتيح للسياح ترتيب رحلاتهم بسهولة، وتربطهم بالمرشدين المحليين ومقدمي الخدمات في مختلف المحافظات.
أبرز جلالة الملك عبدالله الثاني، في خطابه أمام البرلمان الأوروبي، أهمية دعم الأردن ودوره المحوري في حفظ السلام الإقليمي. وشكّل الخطاب نقطة تحول في تسليط الضوء على التحديات التي تواجهها المملكة، وضرورة وقوف المجتمع الدولي إلى جانبها. ومن شأن هذا الزخم السياسي أن يفتح آفاقًا جديدة لتعزيز القطاع السياحي، إذا ما تم ربطه بحملة وطنية مدروسة تستثمر في هذا الخطاب التاريخي.