ترامب يُهدّد بـ "الاستسلام أو السحق" .. والعالم على حافة الانفجار
د. نعيم الملكاوي
20-06-2025 06:17 PM
ين التهديد النووي والمواجهة الشاملة ، هل نشهد ميلاد "الحرب الإقليمية العظمى" في الشرق الأوسط؟
"حين ينطق الزعيم من خلف الميكروفون بلغة المدافع ، تصبح العواصم على بعد خطوة من النار .. وتصمت الدبلوماسية أمام قعقعة السلاح. "
بهذه المعادلة يبدو الشرق الأوسط مقبلاً على مرحلة هي الأخطر منذ عقود، بعد تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب التي طالبت إيران بـ " الاستسلام غير المشروط "، واضعاً المنطقة والعالم أمام سيناريوهات شديدة التقلب والتعقيد.
التحولات في الموقف الأميركي: من المفاوضات الى التحذير واخيراً إلى التهديد
لم تكن تصريحات الرئيس الأميركي في 17 حزيران/يونيو مجرد خطابات انتخابية ، بل حملت إشارات واضحة إلى تحول استراتيجي في الموقف والخطاب الأميركي . فقد أعلن ترامب بصراحة "سندكّ مواقعهم النووية إذا لم يستسلموا فوراً .. إيران لا تفهم سوى لغة النار" .
ترافق ذلك مع حراك عسكري أميركي في المنطقة ، تمهيدًا لدعم إسرائيل بشكل مباشر أو غير مباشر في المواجهة الحالية مع إيران.
إسرائيل تُهاجم.. وترامب يُمهّد لجولة أوسع
تشير التقارير الاستخباراتية إلى أن دولة الاحتلال، مدعومة بمعلومات من الموساد، نفذت ضربات دقيقة على مواقع حساسة في إيران، شملت مفاعلات نووية ومخازن صواريخ. ويُعتقد أن العملية تهدف إلى كسر قدرة طهران على الردع دون التورط في حرب شاملة.
غير أن الرد الإيراني جاء سريعاً وعنيفاً شلَ اركان دولة الاحتلال، حيث أطلقت طهران ما يقارب 150 صاروخاً بالستياً و 100 طائرة مسيّرة ، بعضها تجاوز الدفاعات الإسرائيلية، مخلفاً أضراراً في عمق تل أبيب وحيفا والنقب، فيما اعترضت منظومات باتريوت وصواريخ "حيتس" الجزء الأكبر منها . في حين يتوقع أن هناك الكثير من المفاجئات لا تزال تحتفظ بها ايران.
احتمالات التدخل الأميركي: الحرب بعيون ترامب
البيت الأبيض لم يُصدر بعد قراراً رسمياً بدخول الحرب ، إلا أن مؤشرات التحشيد والدعم اللوجستي توحي بأن واشنطن تتأهب للمرحلة المقبلة ومن بين السيناريوهات المطروحة داخل الإدارة الأميركية:
* تنفيذ ضربة جوية "جراحية" على مفاعل فوردو باستخدام قنابل خارقة للتحصينات.
* استهداف شخصيات رفيعة من الحرس الثوري أو قيادات سياسية لدفع إيران نحو الانكماش الاستراتيجي.
* فرض منطقة حظر جوي مؤقتة فوق الخليج ، تبررها واشنطن بحماية الملاحة الدولية.
في المقابل، يحذّر البنتاغون من حرب متعددة الجبهات، في حال تورّطت واشنطن عسكرياً، دون خطة خروج أو دعم إقليمي متماسك كما حدث عام 2003 في العراق.
سيناريوهات المرحلة القادمة: بين الانفجار والتروي - إلى أين تتجه الأمور؟
في ظل تسارع التطورات، تتبلور عدة سيناريوهات رئيسية محتملة:
مواجهة محدودة ومدروسة:
تنفيذ ضربات متبادلة دون توسع إقليمي ، تنتهي بوساطة دولية تقود إلى تهدئة مؤقتة أو مفاوضات نووية جديدة.
اشتباك عسكري واسع:
تدخل أميركي – إسرائيلي مباشر يستهدف منشآت نووية وعسكرية إيرانية ، وقد يُواجه بردّ شامل من طهران، مع احتمالية استهداف القواعد الأميركية في الخليج والعراق.
حرب متعددة الجبهات:
دخول حزب الله من الشمال، والحوثيين من الجنوب، والميليشيات العراقية من الشرق، ما يضع إسرائيل أمام أعقد تحدٍّ استراتيجي في تاريخها الحديث.
تصعيد شامل يهدد الملاحة والطاقة العالمية:
استهداف مضيق هرمز، ضرب ناقلات النفط، أو استخدام أسلحة كيماوية/إلكترونية، ما يرفع أسعار النفط عالمياً ويهدد أمن الطاقة العالمي.
تدخلات دولية محتملة:
في حال تجاوزت المواجهة الخطوط الحمراء، قد تتدخل روسيا لحماية المصالح الإيرانية، فيما تسعى الصين لضمان استقرار الطاقة، وتضغط أوروبا باتجاه التهدئة خوفاً من موجات لجوء جديدة وانهيار اقتصادي، ولا ننسى الموقف الباكستاني الذي قد يتحرك باتجاه ايران.
محور المقاومة يتحرك.. هل الحرب القادمة شاملة؟
كل المؤشرات تشير إلى أن إيران لن تقاتل وحدها. فحزب الله في لبنان رفع مستوى التأهب، وأطلق في اليومين الماضيين صواريخ باتجاه الجليل، فيما حاول الحوثيون إطلاق صاروخ على القدس، سقط في منطقة الخليل. أما في العراق، فقد حشدت " عصائب أهل الحق " و " كتائب حزب الله " مقاتليها قرب القواعد الأميركية.
وإذا ما قررت واشنطن التدخل المباشر ، فإن دخول هذه الأطراف بات شبه حتمي ، ما يضع إسرائيل أمام معركة متعددة الجبهات ، لم تشهد مثلها منذ حرب أكتوبر 1973.
حينها سيكون الشرق الأوسط على فوهة بركان .. والعالم يترقّب
العالم اليوم يقف على شفير حرب لا تشبه سابقاتها. فإذا قررت واشنطن خوض معركة " تأديب إيران"، فإن الاحتمالات مفتوحة على فوضى شاملة قد لا تُحسم عسكرياً بقدر ما تُعيد رسم خرائط النفوذ في الإقليم كله.
يبقى السؤال الذي يشغل الجميع: هل يجرؤ ترامب على فتح أبواب الجحيم؟
أم أن التهديدات تبقى في إطار " دبلوماسية عرض العضلات "؟
في الشرق الأوسط ، الإجابة لا تُكتب بالحبر .. بل تُحفر بالنار .