الأردن… موقف سيادي ثابت في عاصفة الإقليم
صالح الشرّاب العبادي
22-06-2025 06:29 PM
في خضمّ المشهد الإقليمي المشتعل، وتزايد التوترات العسكرية والأمنية بين قوى كبرى في الشرق الأوسط، تبرز المملكة الأردنية الهاشمية بموقف سيادي ثابت، يستند إلى العقلانية، ومرجعية سياسية حصيفة، ورؤية وطنية لا تُزاحمها الشعارات ولا تستفزها أبواق التهويل.
لقد جاءت تصريحات جلالة الملك عبدالله الثاني الأخيرة لتضع النقاط فوق الحروف، مؤكدة أن الأردن لن يسمح لأي طرف، أو جهة، أو صوت مشبوه، باستغلال التطورات الراهنة للتشكيك في مواقفه الوطنية أو السيادية.
وفي الوقت الذي تساق فيه الاتهامات الرعناء والتخوين الرخيص عبر أبواق الذباب الإلكتروني وبعض المنصات المأجورة، كان الأردن كعادته في طليعة الدول التي تبني قراراتها على الحكمة والهدوء الاستراتيجي، لا على ردود الأفعال الانفعالية.
أولاً: لماذا يُستهدف الأردن؟
لأن الأردن اليوم، كما كان دومًا، دولة مركزية في ميزان الإقليم. حدوده متاخمة لساحات النار: سوريا من الشمال، العراق من الشرق، فلسطين المحتلة من الغرب . ورغم اشتعال كل هذه الجبهات من حوله، حافظ الأردن على بوصلته، واستقراره، وموقفه القومي العروبي والإنساني.
ولأن الأردن أغلق أجواءه أمام الاستخدام العسكري لأي طرف في الصراع القائم بين إسرائيل وإيران، ورفض الزج به في لعبة المحاور، أصبح هدفًا لحملات تشويه ممنهجة تهدف لتأليب الرأي العام أو شق الصف الوطني.
ثانيًا: الثبات الأردني في عاصفة الحرب
في الوقت الذي كانت فيه سماء المنطقة تعجّ بالصواريخ والطائرات المسيرة ، قرّر الأردن إغلاق مجاله الجوي لحماية مواطنيه وسيادته، ورفضه الصريح لاستغلال أراضيه أو سمائه لتوجيه ضربات لأي طرف.
هذا الموقف ليس حيادًا سلبيًا، بل حكمة استراتيجية، لأن الانحياز الأعمى يعني جرّ البلاد إلى ما لا تُحمد عقباه.
وليس جديدًا على الأردن أن يقف مع الشعوب المظلومة ومع حقها في الحرية والكرامة، لكنه في الوقت ذاته لا يساوم على أمنه القومي ولا يُفرط في قراره السيادي.
ثالثًا: الرد على الحملات المضللة
لمن يزايدون على الأردن، نقول:
•لم تُبنَ مواقفنا على انفعالات تويتر أو غرف الذباب الإلكتروني.
•لم نكن يومًا طلاب شو إعلامي أو مطاردة للعدسات.
•بل كنّا دومًا من يدفع الفاتورة الكبرى عن الأمة، دون صخب أو مزايدة.
ألم تكن عمان على مدى العقود ملاذًا لكل مظلوم، وممرًا للدبلوماسية الهادئة، وخندقًا متقدمًا للحق العربي؟
وهل نسي هؤلاء أن الأردن استقبل ملايين اللاجئين، وقدم لهم خدمات تفوق قدرته، دون أن يرفع شعارًا رنانًا أو يطلب جزاءً أو شكورًا؟
رابعًا: ملك بحجم أمة
في خضم هذه الحملات، يقف جلالة الملك عبدالله الثاني زعيمًا يتحدث بلغة الحكمة إلى العالم، يخاطب القادة من موقع الفهم والوعي، ويقود سفينة الوطن وسط أمواج متلاطمة، دون أن يفقد الاتجاه أو يسمح لأي أحد أن يُملي عليه شروطه.
أخيرًا: الأردن أولًا.. وسيبقى
مصلحة الأردن، وأمن الأردن، واستقرار الأردن، فوق كل اعتبار، ولا يحق لأحد مهما علا صوته أن يزايد على ذلك.
ولن تنال من عزيمتنا تلك الأصوات النشاز التي تحاول أن تخلط الأوراق وتشكك في الولاء والانتماء.
حفظ الله الأردن، وقيادته، وشعبه، من كل سوء.