هل يقلص قدراتنا الدماغية؟ دراسة تكشف
23-06-2025 10:38 AM
عمون - كشفت دراسة حديثة أجراها معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) أن الاعتماد على أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي مثل ChatGPT في مهام الكتابة، يؤدي إلى تراجع ملحوظ في نشاط الدماغ والوظائف المعرفية. هذا التراجع لوحظ بالمقارنة مع من يعتمدون على محركات البحث أو مهاراتهم الذاتية في الكتابة.
تفاصيل الدراسة: الكفاءة على حساب الاستيعاب العميق
أجرى باحثون من مختبر Media Lab في MIT دراسة استمرت أربعة أشهر، قارنوا فيها أداء ثلاث مجموعات من المشاركين في مهام كتابية. أظهرت النتائج أن:
سرعة عالية بتكلفة معرفية: الأشخاص الذين استخدموا ChatGPT أنجزوا مهامهم الكتابية أسرع بنسبة 60%، لكن هذا جاء على حساب الجهد العقلي المرتبط بفهم المعلومات وتنظيمها في الذاكرة طويلة الأمد.
انخفاض "العبء المعرفي الجوهري": سجل مستخدمو ChatGPT انخفاضًا بنسبة 32% فيما يعرف بـ "Germane Cognitive Load"، وهو مؤشر على مدى استيعاب الدماغ للمعلومات بعمق وتنظيمها.
فقدان الأصالة والشعور بالملكية: المقالات التي كتبتها هذه المجموعة كانت متشابهة بشكل ملحوظ وافتقرت إلى الأصالة، وعبر المشاركون عن شعور ضعيف بالانتماء أو "الملكية" تجاه ما كتبوه.
تدهور مستمر وتأثيرات دائمة: مع تكرار الاستخدام، لاحظ الباحثون تدهورًا تدريجيًا في الأداء، حيث أصبح المستخدمون يكتفون بنسخ النصوص المولدة دون مراجعة أو تفكير نقدي. واستمرت هذه التأثيرات السلبية حتى بعد التوقف عن استخدام الأداة، مما يشير إلى احتمالية حدوث تغييرات دائمة في طريقة عمل الدماغ.
تأثير أكبر على الشباب: من المتوقع أن تكون أدمغة الشباب -التي لا تزال في طور النمو- أكثر عرضة لهذه التأثيرات، مما يثير قلقًا كبيرًا من الانتشار الواسع لأدوات الذكاء الاصطناعي في البيئات التعليمية.
تغيرات في الأنشطة العصبية بالدماغ
اعتمدت الدراسة على فحوصات التخطيط الكهربائي للدماغ (EEG) لرصد الأنشطة العصبية. وأظهرت النتائج فروقًا واضحة:
اتصالات عصبية أضعف: المشاركون الذين كتبوا بالاعتماد على قدراتهم الذاتية كان لديهم 79 اتصالًا عصبيًا في نطاق موجات ألفا (المرتبطة بالتركيز والتفكير الإبداعي)، بينما سجل مستخدمو محركات البحث أداءً متوسطًا، وسجل مستخدمو ChatGPT أضعف أداء بـ 42 اتصالًا فقط.
تراجع في الذاكرة والتحكم التنفيذي: لوحظ انخفاض مماثل في نطاق موجات ثيتا (Theta)، المرتبط بالذاكرة والتحكم التنفيذي؛ حيث بلغ عدد الاتصالات العصبية لدى المجموعة التي اعتمدت على مهاراتها الذاتية 65 اتصالًا، مقابل 29 اتصالًا فقط لمستخدمي ChatGPT. هذه الفروقات تشير إلى علاقة عكسية بين الاعتماد على أدوات الذكاء الاصطناعي وانخراط الدماغ في معالجة المعلومات.
خلل في الذاكرة وتأثيرات مستقبلية على التعليم
من أكثر النتائج إثارة للقلق هو ما كشفته الدراسة بخصوص الذاكرة:
ضعف التذكر: 83% من مستخدمي ChatGPT لم يتمكنوا من تذكر اقتباسات من مقالات كتبوها قبل دقائق فقط، مقارنة بـ 11.1% فقط ممن استخدموا محركات البحث أو كتبوا دون مساعدة.
عجز عن إعادة الإنتاج: عند مطالبتهم بإعادة كتابة المقال دون استخدام الذكاء الاصطناعي، عجز مستخدمو ChatGPT عن تذكر معظم المحتوى، مما يؤكد ضعف معالجة المعلومات في الذاكرة طويلة الأمد.
تثير هذه النتائج تساؤلات جوهرية حول خطر الاستخدام الواسع لأدوات الذكاء الاصطناعي في البيئات التعليمية، خاصة لدى الفئات العمرية الصغيرة. حذّرت الباحثة الرئيسية ناتاليا كوزمينا من أن الطلاب الذين يعتمدون على هذه الأدوات قد يطورون أنماطًا معرفية مختلفة تؤثر في مهاراتهم الذهنية المستقبلية. تتوافق هذه النتائج مع دراسات أخرى تشير إلى أن الاستخدام المكثف للذكاء الاصطناعي قد يساهم في زيادة الشعور بالوحدة وانخفاض الإبداع، حتى مع مساهمته في تحسين الإنتاجية.