قانون الأحوال الشخصية للمواطنين المسيحيين: إلى متى يُدار الوجع بلا حل؟
المحامي بشار الفريد الديات
23-12-2025 09:03 AM
لم يعد مقبولًا الاستمرار في إدارة معاناة العائلات المسيحية تحت عنوان الخلاف أو الاستحالة. المشكلة اليوم ليست في غياب القوانين الكنسية، بل في عجز هذه القوانين، بتعدّدها واختلافها، عن حماية المواطن المسيحي فعليًا في قضايا مصيرية تمسّ حياته اليومية.
الحقيقة التي يجب قولها بوضوح:
لا يمكن اسكات الاصوات المطالبة بسن قانون أحوال شخصية موحّد لكل المسيحيين على اختلاف طوائفهم، بحجة الاختلافات الجوهرية بين الكنائس في مفاهيم عقائدية و مفاهيم عقد الزواج، والانفصال، وبطلان الزواج أو الطلاق. فالكنائس الكاثوليكية ، على سبيل المثال، تطبّق منظومة قانونية تختلف كليًا عن قوانين الكنائس الأرثوذكسية أو الكنيسة الأسقفية، ولا تعترف بقوانين الطوائف الأخرى. هذا واقع كنسي لا يمكن القفز عنه.
لكن الإشكالية الكبرى ليست هنا.
الإشكالية الحقيقية هي ترك المواطن المسيحي بلا إطار مدني جامع يحميه كمواطن، لا كمنتمي كنسيًا. فالمطالبة بقوانين خاصة من الدولة أو الحكومة غالبًا ما تصطدم بجواب جاهز: “اتفقوا أنتم أولًا”، وهم يعلمون أن هذا الاتفاق غير ممكن. وهكذا تُعاد الكرة إلى القائمين على الكنائس، وتُترك العائلات في الفراغ.
الحل الواقعي والعادل يبدأ من تشريعات مدنية تنظم قضايا مثل الإرث والميراث، الوصاية، والنفقة، وبقانون واضح يقرّ بالاطر التشريعية الدستورية، ويحفظ حق المواطن المسيحي على قاعدة المواطنة الكاملة، لا الانتماء الطائفي.
وفي هذا السياق، لا بد من رفض لغة تُكرّس التهميش. نحن لا نتحدث عن “طوائف”، بل عن مواطنين مسيحيين، وجودهم في هذا البلد أصيل ودائم ومتجذّر، لا طارئ ولا هامشي.
الظلم اليوم ليس عرضيًا، بل مُقنَّن بالصمت والتأجيل.
والمطالبة لم تعد ترفًا، بل حقًا.
إقرار قوانين مدنية عادلة تحمي المواطن المسيحي لم يعد خيارًا، بل مسؤولية وطنية وأخلاقية تقع على عاتق النظام و لا تحتمل المزيد من الهروب.