facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




بوابة التطرف القادم والجيل الجديد من الكراهية


م. بسام ابو النصر
23-06-2025 01:15 PM

قامت الولايات المتحدة بضربة سريعة ومفاجئة، ولم يكن هناك أي تفويض دولي أو من الكونغرس بتنفيذها، وفي خطوة إستباقية وكما هي سياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فقد قامت مجموعة من طائرات B2 وهي طائرات عملاقة تحمل قنابل ضخمة بالقاء حمولتها على منشأت نووية ايرانية في خطوة استباقية هدفها في الظاهر تقويض البرنامج النووي الايراني، ولكن كان هناك هدفًا اعمق يتعلق بإرضاء اليمين الاسرائيلي وهو ولاء أيديولوجي بين اليمين الامريكي واليمين الاسرائيلي، ولذلك تعتبر الضربة مقامرة سياسية مدفوعة بهذه الاعتبارات على حساب الاستقرار الاقليمي والدولي والشرعية الأممية ومكانة الولايات المتحدة في العالم.

ورغم دقة الضربة تقنيًا، وفعاليتها العسكرية، جاءت في عزّ صمت عربي وإسلامي رسمي، واكتفى العالم بردود فعل باهتة لا ترقى لحجم الحادث. أما حلفاء أمريكا من الأوروبيين والدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن، فإما فوجئوا أو أبدوا قلقهم، دون أن يجرؤ أحدهم على مساءلة واشنطن أو لجمها. حتى الدول العربية "الحليفة" التي ستكون أول من يدفع ثمن الردّ الإيراني المحتمل، تم تهميشها، ولم تُستشر في أي مستوى من القرار. وبينما يتململ الشارع العربي والإسلامي غضبً ا، لم تكترث إدارة ترامب لأي أثر شعبي، لا في الشرق الأوسط ولا في الداخل الأمريكي المنقسم بشدة حول شرعية هذه الضربة وجدواها.

لم تعد الحروب هي ما تقرره ميادين المعارك بل في الدلالات السياسية التي تقف وراءها، ولقد باتت واشنطون تتصرف في هذا الإقليم الملتهب وكأنه مساحة مستياحة، وميدان مناورة عسكري، فلا وزن للقانون الدولي أو لإرادة الشعوب، وبات الامر وكأنه إرضاء لهذا التحالف الاسرائيلي- اليميني في واشنطون وتل أبيب، والذي طالما دعم المجازر الذي إرتكبها الإحتلال في غزة والضفة الغربية، وسكت عن كل الجرائم الاسرائيلية بحق المدنيين في فلسطين وسوريا ولبنان، وحاليا في إيران.

لكن ما يغيب عن هذا الحساب الأمريكي القصير النظر، هو أن كل قصف بلا عدالة، وكل خذلان متكرّر للحق، يُراكم كراهية تتجاوز السياسة، وتتحوّل إلى وقود لتطرف جديد. فقد أثبتت التجارب أن ما وقع في العراق وأفغانستان وسوريا واليمن ولبنان، لم يخلق فقط حروبًا أهلية أو فراغًا سياسيًا، بل أنتج أجيالًا من الغاضبين الذين تحوّلوا إلى أدوات تطرف، لأنهم لم يجدوا في العالم عدالة أو إنصافًا. واليوم، تدخل إيران هذا المسار، ليس فقط كدولة مستهدفة، بل كبوابة جديدة لغضب إقليمي ودولي، قد يُعيد تشكيل مشهد العنف والتطرف في صور أكثر تطرّفًا من السابق.

التطرف الذي قد ينتج عن هذه المرحلة لن يكون فقط دينيًا أو طائفيًا. بل هو تطرف من نوع جديد، أكثر خطورة: تطرف مشبع بالكراهية تجاه نظام دولي متواطئ، تجاه واشنطن التي تتجاهل شعوب العالم، وتجاه صمت الأمم المتحدة التي لم تعد تقنع حتى الأطفال بمصداقيتها. جيل الغضب القادم لن ينتمي لجغرافيا واحدة، ولن يحمل بالضرورة سلاحًا، لكنه سيحمل في وجدانه قناعة أن العالم لا يحترم إلا القوة، ولا يسمع إلا صوت الصواريخ.

هذه ليست ضربة عسكرية فحسب، بل عدوان سياسي وأخلاقي على مفهوم العدالة. ضربة قد تؤجل المشكلة النووية، لكنها ستُطلق من جديد وحشًا نائمًا من الحقد والتشدد، لن يكون من السهل احتواؤه مستقبلاً. وهنا يكمن الخطر الحقيقي: ليس في منشأة نُسفت، بل في وجدان شعوبٍ استُفزّت، وشبابٍ أُذلّ، وأملٍ عالمي في عدالة مشتركة بدأ ينهار أمام أعين الجميع.

فإذا كان التطرف الأول نتاج الاحتلال والقصف والخذلان، فإن التطرف القادم هو تطرف الغضب العميق، الذي يغلي تحت رماد الصمت العالمي. ومن يزرع قنابل الكراهية، لا ينبغي أن يتفاجأ حين تنفجر بأشكال لم يتخيلها.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :