لماذا يبقى الأردن "غصّة" في حلق البعض؟
فراس النعسان
23-06-2025 04:12 PM
لا يكاد الأردن يمر بأزمة داخلية أو حتى إشاعة، إلا وتجد من يتربص به، منتظراً لحظة الانقضاض أو التشكيك، رغم أن المملكة الأردنية الهاشمية لطالما كانت حاضنة للقضايا العربية، وواقفاً صلباً إلى جانب الشعوب في محنها.
فلماذا يُستهدف الأردن مراراً رغم مواقفه المشرفة؟ ولماذا يحاول البعض النيل من استقراره ومكانته كلما سنحت الفرصة؟
نموذج استقرار يزعج البعض
في إقليم يموج بالتقلّبات، استطاع الأردن أن يحافظ على استقرار سياسي وأمني لافت. هذا الثبات، الذي جاء رغم ندرة الموارد والتحديات الاقتصادية، أزعج أطرافاً عديدة رأت فيه تناقضاً مع منطق “الاصطفافات الحادة” أو “الفوضى الخلّاقة”.
مواقف مبدئية لا تتغيّر
على مدار العقود، وقف الأردن إلى جانب فلسطين دون تردد، وتحمل أعباء اللجوء من دول الجوار، ورفض الانخراط في أي محاور تؤجج الصراعات. تمسّكه بهذه المواقف جعله محل تقدير شعبي عربي، لكنه في الوقت ذاته عرّضه لحملات إعلامية من بعض القوى التي لم تتقبل موقفه المستقل.
توازن العلاقة مع الغرب وإسرائيل
رغم توقيعه اتفاقية سلام مع إسرائيل، لم يتخلَّ الأردن عن دوره التاريخي في الدفاع عن القدس والمقدسات، من خلال الوصاية الهاشمية. هذا التوازن أغضب أطرافاً متعددة، بعضها اتهم الأردن بالتطبيع، والبعض الآخر اعتبره أكثر ممانعة من أصحاب القضية أنفسهم.
لا يصرخ… لكنه يُسمع
الأردن ليس دولة شعارات أو مواجهات إعلامية، بل تبنّى نهجاً سياسياً هادئاً يعتمد على الدبلوماسية والعقلانية. هذه النبرة المعتدلة لم تُرضِ من اعتاد على الخطاب الصاخب، ما جعله عرضة للانتقاد من أقطاب متضادة في المشهد العربي.
حجم يتجاوز الجغرافيا
رغم صغر حجمه السكاني والاقتصادي، لعب الأردن أدواراً كبيرة في الوساطة والأمن ومكافحة الإرهاب. هذا الدور الإقليمي أثار غيرة بعض الأطراف التي رأت في ذلك منافسة لها على التأثير والنفوذ، فاختارت مهاجمته عبر الشائعات والتشكيك.
محبة الشعوب تزعج الأنظمة
يحظى الأردن بتعاطف شعبي واسع في العالم العربي، نتيجة مواقفه النزيهة واحتضانه للاجئين ومظلومي الحروب. هذه المحبة تُعد مصدر إزعاج لبعض الأنظمة أو الجهات التي تعتمد على النفوذ الإعلامي لفرض صورتها، ولا تطيق أن يتفوق عليها بلد لا يملك الثروات ذاتها.
الأردن ليس دولة تبحث عن الصدام أو التصعيد، لكنه دولة لا يمكن تجاوزها. حضوره السياسي الهادئ، ومواقفه الثابتة، تجعله دائماً “غصّة” في حلق من لا يتقبلون وجود نموذج عربي مستقل، متزن، ومحبوب شعبياً.
قد يُهاجم… لكنه لا يسقط.
وقد يُستهدف… لكنه لا ينكسر.