الأمن الغذائي في الأردن .. رؤية التحديث الإقتصادي
أ. د. عبدالسلام النابلسي
25-06-2025 04:58 PM
إنَ الإجراءات والتشريعات والمبادرات والمشاريع في القطاعات التنموية المختلفة وتنفيذها ضمن الأطر الزمنية الواردة في البرنامج التنفيذي لرؤية التحديث الإقتصادي (2023 – 2025) تعتبر ركيزة أساسية لانطلاق البرامج التنفيذية اللاحقة خلال السنوات القادمة مما يمهد الطريق للوصول إلى أهداف البرنامج بمساراته الثلاثة السياسي والإقتصادي والإداري.
يشكل الأمن الغذائي متطلباً رئيسياً لتحقيق الأمن المجتمعي والوطني ويعتبر ركيزة لتحقيق النمو والإزدهار واستدامة للإستقرار، حيث يمكن تعريف الأمن الغذائي بأنه الحالة التي يتحقق فيها الحصول على الغذاء الآمن والكافي في كل الأوقات بشكل يلبي الاحتياجات الغذائية والأذواق المختلفة.
إنَ تمكين جميع السكان اقتصادياً من الحصول على الغذاء يعتبر الركيزة الثانية والأهم من ركائز الأمن الغذائي الأربعة وهي (التوافر وإمكانية الوصول وسلامة استخدام الغذاء واستقراره) ولكن الفقر بألوانه والبطالة تعتبر أهم التحديات التي تواجه الحصول على الغذاء رغم توفره وبالتالي تتفاقم أزمة انعدام الأمن الغذائي للفئات الهشة.
لم تجد نفعاً كل التدخلات ومحاولات الجهات ذات العلاقة في وضع وتنفيذ برامج عديدة لمكافحة الفقر ودعم الأسر عبر شبكات الحماية الإجتماعية إذ تراجع تصنيف الأردن على مؤشر الجوع العالمي للعام 2024 ليصل إلى المرتبة 59 من أصل 127 دولة، حيث يعاني 18% من السكان من قلة الغذاء وهناك أكثر من 3% من الأسر يعانون من انعدام الأمن الغذائي.
وقد ارتفع عدد الأسر التي حصلت على مساعدات مالية من صندوق المعونة الوطنية إلى أكثر من 220 ألف أسرة في العام 2023.
وبالتالي فإن ركائز الأمن الغذائي من توفر الغذاء وسلامة استخدامه واستقراره ليست ذات قيمة اذا لم يستطع الانسان من الحصول على الغذاء.
إنَ جميع المؤشرات والدراسات تثبت أنَ الغذاء الآمن والمغذي متوفر وأنَ الأسواق لا تعاني خللاً أو نقصاً حاداً في أي مادة أو سلعة غذائية أساسية.
ولكن هناك تراجع كبير في القدرة الشرائية نتيجة الفقر المتزايد لدى مكونات المجتمع وهذا مؤشر خطير يعرض نسبة كبيرة من الأسر للوقوع في دائرة انعدام الأمن الغذائي.
وفي ظل هذا التراجع الكبير في القدرة الشرائية، إذا لم تقم الدولة باتخاذ إجراءات تصحيحية فورية فإنَ هذا التراجع سينعكس على القطاع التجاري والزراعي والصناعي وقد يؤدي إلى تراجع في أداء النشاطات الإقتصادية والأعمال نتيجة زيادة الأعباء وبالتالي تراجعاً في الناتج الإجمالي العام.