في عالمنا المعاصر لم يعد منطق القوة قادرا على فرض الهيمنة او صناعة النصر الحقيقي بل بات اداة لتأجيج الصراعات وزيادة معاناة الشعوب فالانتصارات العسكرية التي تحققت بالقوة تحولت الى اطلال من الدمار والخراب ولم تثمر الا الحقد والانقسام والانهيار الداخلي في المجتمعات التي تعرضت لها من يظن ان السلاح قادر على حسم المعارك وبناء الاستقرار فهو واهم لان القوة وحدها لا تصنع شرعية ولا تضمن بقاء ولا تبني مستقبلا مشرقا القوة اليوم صارت عبئا على اصحابها قبل خصومهم واداة لهدم ما تبقى من منظومة اخلاقية في العلاقات الدولية.

الكيانات والدول التي اعتمدت على منطق السلاح لفرض وجودها وانكار حقوق الاخرين سقطت في مستنقع العزلة وفقدت الاحترام الدولي بل وتحولت الى رموز للظلم والطغيان لا يمكن لاي نظام يبني نفسه على القهر والاقصاء ان يحقق نصرا حقيقيا لان النصر لا يكون الا بالعدالة والكرامة والمساواة وهذا ما يفتقده من يظن ان القوة وحدها كفيلة بتركيع الشعوب وسحق ارادتها.

منذ عقود والعالم يشهد صراعات دامية بسبب منطق القوة من افغانستان الى العراق ومن سوريا الى فلسطين واليمن وليبيا كل هذه النماذج تؤكد ان استخدام القوة يؤدي الى مزيد من التشرذم والانهيار ويمنح الجماعات المتطرفة بيئة مثالية للنمو والتمدد وبالتالي يتحول النصر العسكري المؤقت الى هزيمة استراتيجية على المدى البعيد منطق القوة لا يصنع مجتمعا حرا ولا يحقق تنمية ولا يبني مؤسسات بل يحطم النسيج الاجتماعي ويزرع الكراهية بين مكونات الامة الواحدة.

الذين يستخدمون القوة لفرض ارادتهم ينسون ان الشعوب لا تنكسر بالرصاص وان الارادة الحرة لا تلين امام القمع مهما اشتد العنف الشعوب قد تصمت لكنها لا تستسلم والمقاومة قد تتراجع لكنها لا تموت التاريخ يعلمنا ان كل قوة غاشمة مصيرها الزوال وان من يعتمد على القهر يسقط عندما تنفجر شرارة الوعي في قلوب المظلومين
العالم اليوم بحاجة الى منطق جديد منطق يرتكز على الحوار والعدالة واحترام كرامة الانسان لا على السلاح والمدافع والدبابات الانتصار الحقيقي هو بناء مجتمع متماسك يحترم الانسان ويصون حقوقه لا تدمير المدن ولا قتل الابرياء النصر لا يصنعه من يطلق النار بل من يفتح باب الامل ويزرع بذور المحبة بين الناس.

منطق القوة الى زوال مهما طال امده لان ما بني على الظلم لا يدوم والحق لا يموت وان غاب القوة التي تعتقد انها تملك كل شيء اليوم ستجد نفسها غدا محاصرة بالخذلان لان الشعوب التي تتوق للحرية ستظل تقاوم حتى تستعيد كرامتها وتنهي زمن الغطرسة والهيمنة.