facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الكوميشن


صالح الشرّاب العبادي
01-07-2025 11:10 AM

الفساد الرسمي المُقنَّن هو أخطر أشكال الانحراف الإداري؛ ذلك الذي لا يُمارس في الخفاء، بل يتم تغليفه بشرعية إدارية وقانونية زائفة، تمنحه مظهرًا من النظام بينما يفرّغ مؤسسات الدولة من معناها ، يبدأ من عقلية بعض المسؤولين الذين يرون المنصب استحقاقًا سياسياً أو مكافأة، لا مسؤولية وطنية، ويتعاملون مع المال العام كحق مكتسب لا أمانة.

تتكرر المشاهد المألوفة: إيفادات شكلية، زيارات خارجية بلا جدوى، مكاتب يعاد تأثيثها بالكامل عند كل تغيير إداري، وكأن كفاءة الدولة تُقاس بفخامة الأرائك، لا بنجاعة السياسات. ويترافق هذا مع ثقافة “منصب الفترة”؛ مسؤولون يرحّلون الأزمات بدل مواجهتها، ويحسبون النجاح بعدم إحداث الضجيج لا بترك الأثر.

وفي قلب هذا الواقع، تتغلغل ظاهرة "الكوميشن"؛ حين تُعطّل المعاملات حتى يُدفع مقابلها، ويصبح للموظف والمدير "نصيب" من كل مشروع أو استثمار، وتُفرض العمولة كرسم عبور غير معلن ، إنها عقلية تُخنق بها المبادرات، ويُطرد بها الاستثمار، ويُبتزّ بها الوطن تحت غطاء النفوذ.

ولا يقل خطورة عن ذلك البطانة التي تحيط بالمسؤول، فتقصيه عن الواقع، وتحتكر القرار والمعلومة، وتُنتج إدارة عمياء عن الناس ومشلولة عن المبادرة. ولأن هذا النوع من الفساد لا يُحاسب، فإنه يتكرّس كثقافة، ويتحول إلى عرف مؤسسي يعطّل التنمية ويقتل الثقة.

وقد قال جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين بوضوح: "المسؤول الذي لا يرى نفسه بحجم المسؤولية عليه أن ينسحب حتى لا يؤخر الفريق"، وأكّد سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني: "هناك ألم حقيقي عند الناس... والناس يستحقون منا الأفضل"

إذا تم مخالفة ما قاله رأس السلطة، فإن ذلك يُعد رفضاً لرسالة القيادة وتفريغًا لتوجيهاتها من مضمونها ، وإن لم تُترجم هذه التوجيهات إلى أفعال، فالمشكلة تكمن في غياب الإرادة لدى بعض الجهات الوسطى، أو في تحصينات بيروقراطية تقاوم التغيير، مما يخلق فجوة خطيرة بين الخطاب الملكي النزيه والممارسة الإدارية اليومية ، وعليه يجب المحاسبة والتقييم .

المطلوب اليوم ليس تجميل الصورة، بل إعادة تعريف المنصب كمسؤولية لا كوجاهة، وربط الصلاحيات بمؤشرات أداء حقيقية، وفرض الشفافية في الإنفاق والقرار ، أما المجتمع، فصوته الرقابي هو الحصن الأخير، لأنه لا نهضة من دون عدالة تُرى، ومساءلة تُمارس، ومال عام يُصرف بعين المواطن لا بذوق المسؤول.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :