facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




إيقاف حبس المدين وإلغاء الصبغة الجزائية عن الشيك: قراءة نقدية في ضوء مبدأي الردع العام والخاص


المحامي الدكتور فـــارس المجالي
06-07-2025 09:50 AM

في خضم السعي نحو تطوير التشريعات الوطنية وتكييفها مع المبادئ الحديثة لحقوق الإنسان والمعايير الدولية، اتجهت بعض الدول العربية، ومنها الأردن، إلى إلغاء الحبس في قضايا الشيكات بدون رصيد، باعتبار أن هذا الحبس ذو طابع مدني، لا يُعَدّ أداة إصلاحية بل عقابية. إلا أن هذا التوجه - رغم دوافعه الحقوقية - يطرح تساؤلات قانونية وأخلاقية تتعلق بمدى توافقه مع وظائف العقوبة الجزائية، ولا سيما مبدأي الردع العام والخاص.
أولًا: الشيك كأداة ائتمان والحماية الجزائية
لطالما اعتُبر الشيك أحد أقوى أدوات الائتمان في التعاملات التجارية بعد تحوله في التعاملاتم ن اداة وفاء بالاصل الى اداة إئتمان، لا لقيمته الورقية فقط، بل للحماية القانونية التي أحيط بها، وفي مقدمتها الطابع الجزائي عند الإخلال بشرط توفر الرصيد. هذا الطابع أضفى على الشيك قوة وثقة جعلت منه في بعض الأحيان بديلاً عن النقد، وأساسًا في العديد من العلاقات المالية.
لكن مع تراجع الحماية الجزائية، فُقدت إحدى الركائز القانونية التي ضمنت حسن النية في التعامل، وبدأنا نلاحظ تغيرًا في ممارسات إصدار الشيكات، حيث أصبحت عرضة للاستغلال في حالات التأخير أو الامتناع عن السداد.
ثانيًا: تأثير الإلغاء على الردع العام
يقوم الردع العام على بث الخوف في نفوس الأفراد من ارتكاب أفعال تُعدّ جرائم، نتيجة للعلم المسبق بوجود عقوبة رادعة. إن إلغاء العقوبة الجزائية عن الشيك بدون رصيد يُضعف من هذا الردع بشكل مباشر، ويبعث برسالة غير صريحة مفادها أن الإخلال بالالتزامات المالية قد لا يقابل بعقوبة فعالة.
هذا التراخي في الردع يُعرّض بيئة الأعمال للخطر، خاصة في المجتمعات التي تعتمد بشكل كبير على التعامل الورقي والائتماني. وتزداد المخاوف حين لا تُرفق عملية الإلغاء بنظام مدني سريع وفعال يُعيد الحقوق لأصحابها.
ثالثًا: غياب الردع الخاص وأثره على التكرار
الردع الخاص يستهدف الجاني ذاته، ويمنعه من تكرار الجريمة نتيجة التجربة العقابية. وبإلغاء الحبس في قضايا الشيك، تفقد العقوبة عنصرها الزجري، وتصبح القواعد المنظمة للوفاء بالديون عرضة للاستسهال أو حتى التلاعب.
وقد أثبت الواقع العملي أن بعض الأشخاص باتوا يصدرون الشيكات عن سوء نية، وهم على يقين بعدم مواجهتهم لأي تبعات جنائية، في ظل غياب أدوات الردع الخاصة.
رابعًا: البدائل القانونية… هل هي كافية؟
ينادي المدافعون عن الإلغاء بضرورة استبدال الحبس بآليات مدنية، مثل التنفيذ الجبري والحجز الإداري ومنع السفر. لكن فاعلية هذه البدائل مرهونة ببنية قضائية متطورة وآلية تنفيذ صارمة وسريعة، وهو ما لا يتوفر دائمًا في كثير من الأنظمة القضائية العربية.
بالتالي، فإن إلغاء الصبغة الجزائية دون إعداد البنية المدنية البديلة يُعد إجراءً ناقصًا من الناحية التشريعية، يُحمّل الضحايا أعباء إثبات إضافية، ويُطيل أمد تحصيل الحقوق.
خاتمة وتوصيات
في ضوء ما تقدم، يمكن القول إن الإلغاء المطلق لحبس المدين في قضايا الشيك، دون بدائل قانونية رادعة، يُشكل خطرًا على النظام القانوني والتجاري في آنٍ معًا، ويُفرغ العقوبة من مضمونها الوقائي، ويُضعف الثقة العامة بالأوراق التجارية.
ولذلك، فإننا نوصي بما يلي:
* إعادة النظر في الإلغاء الشامل، والاتجاه نحو تنظيم مشروط للعقوبة الجزائية عند ثبوت سوء النية.
* تعزيز كفاءة أدوات التنفيذ المدني لتكون أكثر سرعة وفعالية.
* فرض قيود مالية ومصرفية على من يثبت تعمده إصدار شيكات بدون رصيد.
* نشر الوعي القانوني بأهمية الالتزام المالي وآثار الإخلال به.
إن الوصول إلى تشريع متوازن يتطلب المواءمة بين حماية الحقوق الأساسية للأفراد، وبين الحفاظ على النظام العام الاقتصادي، وهو ما لا يمكن تحقيقه من خلال الإلغاء المطلق للعقوبات، بل عبر نظام قانوني شامل ومترابط.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :