الوهم الاجتماعي وتجارة الابتذال
المحامية رانيا أبو عنزة
06-07-2025 12:59 PM
في زمن تتقدمه الصورة وتتبعُه الصيحات، بات الوهم الاجتماعي يتغلغل في الوعي الجمعي بهدوء قاتل.
وهم يخدع الفرد ويقنعه بأن قيمته تُقاس بعدد المتابعين، أو بعدد الإعجابات على منشور فارغ المحتوى.
كل ذلك ُيرسخ قناعه زائفة أن الظهور أهم من الجوهر والشكل أهم من المضمون.
تحوّلت وسائل التواصل الاجتماعي إلى أضخم مصنع للوهم في التاريخ الحديث ، منصات تُصدر نجومًا بلا محتوى، وتُقصي العقول لصالح ما يسمى “المؤثرين”، وتُكافئ من يُثير لا من يُفكر.
على هذه المنصات تجد علماء بلا علم ، وخبراء دون خبرات أومؤهلات حقيقية.
تتسابق هذه الوسائل لترويج "علب فارغة" تُقدّم على أنها تجارب، بينما هي في الحقيقة غذاء للعقل الكسول الذي يرفض بذل أي جهد فكري.
العالم الوهمي بات عالمًا ينقصه البُعد القيمي والأخلاقي في أغلب الأحوال، فيه تُروّج التفاهة باسم الثقافة،و الخرافة على أنها علم. ، والاستعراض كفكر.
الوهم الاجتماعي ينتعش حين يموت التعليم ، وتزدهر التفاهة حين يغيب النقد،
وتُسَوّق الخرافة حين يُقمع السؤال.
التحرر من هذا الوهم يحتاج ثورة داخلية تبدأ من سؤال بسيط:
هل ما أصدّقه حقيقي؟
لسنا ضحايا بلا خيار.
في زمن تُروَّج فيه التفاهة كنجاح، لا بد من استعادة كرامة العقل.
حين تموت الفلسفة وتتحول الثقافة إلى زخرفٍ استهلاكي، يصبح العقل فريسة سهلة للوهم . عندها ،لابد أن نقاوم ما يُحقن في وعينا من سموم فكرية وتفاهات مخدِّرة.