في أمسيةٍ تاريخية من يوم السابع من تموز عام 2007، وذكرى لا تنتسى على مستوى العالم دوّن اسم الأردن بحروفٍ من ذهب على خارطة السياحة العالمية، حين أُعلنت مدينة البترا كإحدى عجائب الدنيا السبع الجديدة، بعد تصويت عالمي شارك فيه أكثر من 100 مليون شخص من مختلف دول العالم. لم يكن هذا الإنجاز مجرد تصويت بل كان اعترافًا عالميًا بمكانة الأردن الحضارية، وتجسيدًا لتفرد البترا الوردية كرمز للعبقرية الإنسانية والإرث العميق، وتعكس تفاعل الثقافات والحضارات المختلفة عبر الزمن.

تقع البترا جنوب الأردن، وتُعدّ من أعظم الشواهد على الحضارة النبطية التي ازدهرت في القرن الرابع قبل الميلاد. سحرها لا يقتصر على جمال الصخور الوردية فحسب، بل يمتد إلى الهندسة المعمارية الفريدة، والتناغم الاستثنائي بين الإنسان والطبيعة.

فقد وصفها المؤرخ الأميركي د. غلين مارك البترا بأنها:

“ليست مجرد تحفة حجرية، بل مدينة نُحتت بالحكمة، وأُديرت بالمعرفة، وحُفظت بالإرادة.”

كما اعتبرتها منظمة اليونسكو، ضمن قائمة التراث العالمي عام 1985، وتعتبر إنجازًا فنيًا فريدًا يُجسّد العلاقة المتوازنة بين البيئة الطبيعية والعبقرية البشرية.

مدينة البترا لا تقف عند حدود الفن والتاريخ، بل تمتد لتكون ركنًا حيويًا في صناعة السياحة الأردنية، ومنصة لتقديم صورة مشرقة عن الوطن للعالم. فالترويج السياحي لمدينة البترا لا يزيد من أعداد الزوّار فقط، بل ينعكس على الهوية الوطنية، والروح الجماعية، والشعور بالفخر والانتماء.

حيث ان زيارة المواقع الأثرية في الأردن، مثل مدينة البترا الوردية وغيرها من المواقع الأثرية تعمل على رفع مستوى تقدير الذات والانتماء الوطني لدى الشباب وباقي أفراد المجتمع حتى المغتربين الأردنيين في كل بقاع العالم يفتخرون ويعتزون بالأردن وبمدينة البترا التي هي جزءاً أساسياً من التراث العالمي.

البترا هي حكاية حضارة، ورسالة إنسانية، ورمز لسلام دائم في منطقة تموج بالتحديات. لذلك، فإن الفخر والأعتزاز وجذب الناس والسياح يعتبر رسالة وطنية وأخلاقية تعكس الوجه الأجمل للأردن وشعبه المضياف.

عندما يرى المواطن بلاده تُقدَّر عالميًا، فإن ذلك يعكس أثرًا نفسيًا بالغ الأهمية، إذ يشعر المواطن أن له دورًا في نجاح وطنه. وهذا ما يُعرف "تقدير الذات" والذي بيّنت دراسات في علم النفس الثقافي أنه يرتبط إيجابيًا بمشاعر الفخر، والانتماء، والاستعداد للمشاركة المجتمعية.

فيشعر المواطن ان لبلده ووطنه مكانة ثقافية متفردة، في عالم أصبحت فيه الصورة أبلغ من الكلمة، والانطباع البصري أهم من الكثير من الكلمات والعبارات فعند مشاهدة مدينة البترا تشعر بشموخ وعظمة هذه المدينة الوردية وتفاصيلها التي لا تشبه غيرها من المدن في العالم.

مدينة البترا هي رسالة متجددة من الحضارة والكرامة والجمال. إنها دعوة مفتوحة للعالم لزيارة الأردن، والتعرّف على تاريخه وشعبه وقيمه. وإن ترويجها للعالم، إعلاميًا وسياحيًا وثقافيًا، ليس ترفًا، بل واجب وطني وأخلاقي، يعكس وجه الأردن المشرق، ويرسّخ حضوره كواحة استقرار ونور في منطقة تتعطش للجمال والسلام.