حلّ المجالس المحليّة: نحو تحديث تشريعات الإدارة المحليَّة
د. اماني شديفات
07-07-2025 07:46 PM
في سياق الإصلاح الإداري والسياسي الذي تنتهجه الدولة الأردنية، أقرَّ مجلس الوزراء قرارًا بحلّ المجالس البلدية ومجالس المحافظات (اللامركزية) وأمانة عمّان الكبرى، في خطوة تمهيدية تهدف إلى تهيئة الأرضية القانونية والسياسية لإجراء انتخابات محليّة جديدة، تستند إلى تشريعات محدثة تعكس التحولات والتحديات التي شهدتها الدولة في العقد الأخير، يمثل قرار حل المجالس المحليّة لحظة مفصلية في مسيرة الإصلاح الأردني، ليس فقط من باب التغيير المؤسسي، بل لكونه مؤشرًا على نضج التجربة الديمقراطية، واستعداد الدولة لإعادة بناء أدواتها وفق أسس جديدة. ورغم التحديات، فإن نجاح هذه الخطوة مرهون بوجود إرادة سياسية، وإطار قانوني متماسك، ومشاركة شعبية واعية.
واستند قرار مجلس الوزراء إلى المادة (57) من قانون الإدارة المحلية رقم (22) لسنة 2021، والتي تنص على أن “لمجلس الوزراء بناء على تنسيب الوزير أن يقرر حل المجلس البلدي أو مجلس المحافظة قبل انتهاء مدته القانونية، إذا اقتضت المصلحة العامة ذلك”.
كما استُند إلى قانون أمانة عمّان رقم (18) لسنة 2021، وتحديدًا المادة (20)، التي تتيح حل مجلس الأمانة بقرار من مجلس الوزراء بعد التنسيب من الوزير المختص، عند وجود مبررات تتعلق بالإصلاح المؤسسي أو الأداء أو المصلحة العامة.
حيث تسعى الدولة الأردنية إلى تحديث منظومة الإدارة المحليّة بما يتماشى مع متطلبات العصر، وتعزيز كفاءة المجالس المحلية في تقديم الخدمات والتنمية. وقد تبيّن خلال السنوات الماضية وجود فجوة بين الطموحات القانونية والواقع التنفيذي، ما استدعى مراجعة شاملة للتشريعات الحاكمة.
يُعد القرار تمهيدًا لتطبيق قانون جديد للانتخابات المحليّة، يُتوقّع أن يُعزز اللامركزية ويرفع من سوية تمثيل المواطنين، ويوسع من صلاحيات المجالس المنتخبة، بما يدعم توجهات الدولة في تعميق المساءلة والشفافية وبعد مرور أكثر من دورة انتخابية لمجالس المحافظات، ظهرت تحديات مرتبطة بتداخل الصلاحيات وضعف التنسيق مع الجهات التنفيذية، وغياب التأثير الحقيقي لبعض المجالس، ما استوجب التقييم وإعادة البناء وتُعد إعادة صياغة الإدارة المحلية جزءًا من حزمة الإصلاحات التي تشمل أيضًا الخدمة المدنية، والتعليم، والقضاء. فالحوكمة الرشيدة تتطلب مجالس محليّة فاعلة ومنتخبة على أسس كفاءة وقدرة تمثيلية حقيقية، جاءت اللامركزية في الأردن كمطلب استراتيجي لتعزيز المشاركة الشعبية في القرار التنموي. ومع ذلك، فإن التطبيق العملي كشف عن اختلالات بنيوية، تمثلت في تضارب الصلاحيات، وضعف التمويل الذاتي للمجالس، وغياب القدرات الفنية. ويهدف القانون الجديد إلى تصويب هذه المسارات ومن شأن القانون الجديد أن يعيد الثقة بين المواطن والمؤسسات المحلية، خاصة إذا تم تضمينه بنصوص تعزز الرقابة الشعبية، وتوسع من صلاحيات المجالس، وتضمن عدالة التمثيل.
فإن آفاق المرحلة المقبلة :
• التعديل التشريعي المنتظر يتوقع أن يُعرض مشروع القانون الجديد للانتخابات المحلية على مجلس الأمة في الدورة القادمة، وسط نقاشات موسّعة حول آليات الانتخاب، وتوزيع المقاعد، وتمكين النساء والشباب.
• تنظيم الانتخابات:في حال تم إقرار القانون، من المرجح أن تُجرى الانتخابات المحلية خلال عام 2026، وهو ما يتطلب حملة توعية وطنية لتعريف المواطنين بأهمية المشاركة المحلية.