facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




القرار الذي يعيد ضبط البوصلة: اصلاح ام استفراد بالقرار؟


العنود عبدالله الطلافيح
08-07-2025 03:34 PM

في لحظة تُعيد فيها الدولة الأردنية تعريف أولوياتها على ضوء استحقاقات المرحلة، اتخذ مجلس الوزراء برئ اسة دولة د. جعفر حسّان، في السادس من تموز 2025، قرارًا سياديًا بحلّ المجالس البلدية ومجالس المحافظات، إضافة إلى مجلس أمانة عمان الكبرى، اعتبارًا من صباح السابع من تموز.

قرار لا يُقاس بحجمه المؤسسي فحسب، بل بأبعاده السياسية والإدارية، وبدلالاته الإصلاحية التي تؤكد أن التحديث في الأردن ليس حدثًا عابرًا، بل نهجًا راسخًا تُدار به الدولة، وتُبنى به المؤسسات، وتُراجع فيه التجارب بمنتهى الجدية والمكاشفة.

هذا التحول لم يأتِ فجائيًا، بل ينبثق من سياق إصلاحي متكامل، يستند إلى توصيات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، ويُترجم في توقيت بالغ الدقة حرص القيادة على حماية نظافة المشهد الانتخابي من أي تداخل بين المنصب العام والترشح، عبر تأمين أرضية محايدة تضمن تكافؤ الفرص بين جميع المرشحين، وتقطع الطريق على محاولات توظيف النفوذ أو المال العام في التأثير على الإرادة الحرة للناخبين. إن القرار لا يعبّر فقط عن رغبة في التغيير، بل عن وعي عميق بأهمية إعادة الهيكلة كأداة لضبط الأداء، وتصحيح المسار حين يختل التوازن بين الشكل والمضمون، وبين التمثيل الشعبي والكفاءة التنفيذية. وهو – في جوهره – إعادة تهيئة شاملة لمشهد الإدارة المحلية، من أجل بناء منظومة أكثر رشاقة وفاعلية، تحقّق أعلى درجات الحوكمة، وتمنح المواطن خدمات تُقاس بالأثر لا بالشعارات.

وإذا كنا في هذه المرحلة أمام لجان مؤقتة تُدير المرحلة الانتقالية، فإن المبدأ الذي يحكم هذا الترتيب ليس الإقصاء، بل التحييد، وضمان تجرد الإدارة من الأهواء والمصالح، إلى حين اكتمال البناء التشريعي الجديد، الذي سيكون أكثر ملاءمة لمتطلبات العمل البلدي الحديث، وأكثر تعبيرًا عن وعي المجتمع المحلي بدوره المحوري في صناعة القرار التنموي.

الفرصة اليوم سانحة – لا للتقييم فقط – بل لإعادة تصميم العلاقة بين المجالس المحلية بأذرعها المختلفة، على قاعدة التكامل لا التكرار، من خلال توحيد الأنظمة المساندة، وتعزيز قواعد البيانات، وتمكين المواطن من الوصول والمساءلة عبر منصات رقمية وطنية، تشكّل الذاكرة المؤسسية والمرآة الحقيقية للأداء, بل أكثر من ذلك، فإننا نحتاج إلى تأطير جديد لمسؤولية الترشّح، لا يقوم على الشعبية أو القرب الجغرافي وحده، بل على الجدارة المؤسسية والمعرفة الدقيقة بدور المجلس، وهذا لا يتحقق إلا عبر مسار تدريبي إلزامي للمرشحين، وربط تمويل المجالس بمؤشرات أداء تقيس ما تحقق فعليًا لا ما وُعد به فقط.

إن هذا القرار – برمزيته، بتوقيته، وبمضمونه – يُعد تجسيدًا لسيادة الدولة على قرارها الإداري، واستحقاقًا ضروريًا لمواصلة البناء بثقة، وعينٌ لا تغفل عن المستقبل.
وإن كانت الدولة قادرة على إحداث هذا التحول الحاسم بهدوءٍ واحتراف، فإن الرهان الأكبر يبقى على المجتمع في أن يُحسن الاختيار، وأن يكون شريكًا فاعلًا في تشكيل صورة الإدارة المحلية المقبلة.

هذا هو الأردن الذي نريده: دولة تبادر، لا تنتظر؛ تُقيّم، ولا تُجامل؛ تُصلح، ولا تُسوّف.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :