facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




سوريا الجديدة والكيان: واقعية الشرع وميزان الممكن


النائب الاسبق باسل عياصرة
09-07-2025 12:04 AM

بين ضجيج الخراب وتعب السوريين من الحرب، يخرج المشهد السوري من عنق الزجاجة، ولكن ليس نحو الجنة الموعودة، بل نحو واقع مشروط تحكمه توازنات قوى لا أحلام ثورية ولا خطابات أيديولوجية.

من الواضح أن تركيا، وبتفاهمات قطرية مبكرة، لعبت دورًا محوريًا في إعادة تسويق أبو محمد الجولاني (أحمد الشرع لاحقًا) إلى أمريكا والغرب، بصفته نسخة معدّلة وقابلة لإعادة التدوير سياسيًا. الرجل خضع – كما تشير مصادر غربية وتقارير ميدانية – إلى مراجعات فكرية عميقة، وتدريبات على الخطاب السياسي، ومقابلات صحفية موجّهة، كلّها لتقديمه كقائد براغماتي أكثر من كونه زعيم ميليشيا.

في الوقت ذاته، استمرت الضربات الإسرائيلية المنهجية داخل العمق السوري على مدار أكثر من عام، استهدفت تموضعات الحرس الثوري الإيراني وحزب الله، مخلخلة بذلك البنية الأمنية للنظام من الداخل. وبتزامن مع انشغال روسيا في حربها الأوكرانية، وانكماش إيران تحت ضغوط اقتصادية وعسكرية، بدا المسرح مهيأً أكثر من أي وقت مضى لتبدّل السلطة.

لكن العامل الأهم – وربما الأكثر قسوة – هو أن الحاضنة الشعبية السورية باتت مستعدة لقبول أي خيار، حتى لو كان "إبليس نفسه" كما يصفه الشارع، مقابل الخلاص من النظام القائم.

في هذا السياق، ظهر أحمد الشرع بثوب "رجل الدولة"، مدعومًا بقوة عسكرية محلية موالية، وخلفه غطاء تركي، وقبول أمريكي وخليجي غير معلن لكنه واضح. بل إن "الكيان الإسرائيلي" نفسه لم يعارض هذا التبدل، بل حرص على منع انزلاق الحدود وتحولها إلى فوضى مفتوحة، في إشارة واضحة إلى قبوله الضمني بالنظام الجديد، ما دام لا يشكل تهديدًا استراتيجيًا له.

ولا يمكن إنكار شخصية الشرع نفسه، فالرجل يمتلك كاريزما هادئة، وذكاءً عمليًا، وخبرة تراكمية بين العراق وسوريا، إضافة إلى خلفية إسلامية معتدلة ساعدته في مخاطبة الشارع والدوائر الدولية على حد سواء.

المسار المتوقع:
الشرع يعرف أن الاستمرار في الحكم لا يكون بالشعارات، بل بتحسين الأوضاع الأمنية، ورفع العقوبات، والانتقال التدريجي نحو حياة سياسية انتقالية. وبالفعل، نجح خلال الشهور الأولى من حكمه في كسب ثقة واشنطن والاتحاد الأوروبي، مما أدى إلى رفع جزئي للعقوبات الاقتصادية، وفتح قنوات مالية محدودة لتأمين الاحتياجات الأساسية.

الأهم، أن الرجل استطاع أن يرمم العلاقات مع دول الخليج العربي، وعلى رأسها السعودية، في مشهد سياسي لم يكن ممكنًا قبل سنوات. زيارات وفود خليجية إلى دمشق، وتصريحات ترحيب خجولة من وزارات خارجية عربية، وتحركات استثمارية أولية في البنية التحتية ومجالات الطاقة والقطاع الزراعي، كلها دلائل على أن الشرع لا يتحرك كقائد فصيل، بل كمهندس مرحلة إقليمية جديدة.

لكنه يدرك كذلك أن كل ذلك لن يتحقق إلا بقبول "الواقع الإسرائيلي" ضمن معادلة واضحة: لا عداء مباشر، ولا خطاب تحريضي، مقابل صمت إسرائيلي ودعم غير مباشر عبر بوابة واشنطن.

وهنا، يرجّح أن يتم قريبًا:

1. تفعيل اتفاق فصل القوات لعام 1974 بين سوريا وإسرائيل، بضمانة أمريكية – أممية.

2. انسحاب إسرائيلي تكتيكي من بعض الجيوب الحدودية لتكريس الاستقرار، مقابل تعهد أمني سوري.

3. لاحقًا: مفاوضات غير مباشرة نحو صيغة سلام باردة، لا تصل إلى التطبيع الكامل لكنها تؤسس لـ "هدوء طويل الأمد".

4. وربما، لقاء سياسي علني بين الشرع ونتنياهو أو خلفه، برعاية أمريكية، وتحت سقف الاتفاق الأمني لا السلام الشامل.


الخلاصة:
الشرع ليس أمامه إلا الواقعية السياسية كطريق وحيد للبقاء. أما الدخول في صدامات أيديولوجية مع أمريكا أو "الكيان"، فهو انتحار لن يخرج منه سوى بندم شعبي سيتمنى عودة المجرم بشار، ومن ضمنهم الشرع نفسه.

أما بناء دولة ما بعد الحرب، فيتطلب رجال دولة حقيقيين... لا مقاتلين متنكرين في بزّات رسمية.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :