حزب تحت المجهر: بين إرث الجماعة واستحقاقات الدولة
دعاء الزيود
10-07-2025 01:07 PM
في ظل مشهد سياسي يتطلب وضوحًا أكثر من أي وقت مضى، تبرز تساؤلات مشروعة حول موقع بعض الأحزاب على خارطة الدولة الأردنية، ومدى انسجام خطابها وسلوكها مع المصالح الوطنية العليا.
ولعل التطورات الأخيرة – من إجراءات قانونية بحق جمعيات محسوبة على الجماعة المحظورة، وصولًا إلى توقيف نائب سابق في العقبة – تعيد فتح النقاش حول العلاقة بين الدولة وتيارات كانت، في لحظة ما، جزءًا من اللعبة السياسية، لكنها اليوم مطالبة بإعادة تعريف ذاتها بمرجعية وطنية صريحة.
لسنا أمام اتهام، ولا دعوة لإقصاء، بل أمام لحظة سياسية تتطلب قراءة عاقلة، تضع الدولة أمام مسؤوليتها في ضبط الإيقاع العام، وتضع الأحزاب أمام استحقاق ضروري: الانخراط الكامل والواضح ضمن مشروع الدولة، دون غموض أو التباس.
ورغم أن الحزب لا يزال مرخصًا ويشارك ضمن الأطر الديمقراطية للدولة، إلا أن التحولات الإقليمية، والتغير في نظرة الدولة إلى التنظيمات العابرة للحدود، فرضت – ربما – إعادة تقييم العلاقة.
وهنا لا بد من طرح السؤال الصعب:
هل الحزب اليوم بات فعلًا تحت المجهر؟
وما الذي يُنتظر منه في المرحلة المقبلة؟
بين فكرة "فك الارتباط" الرمزية مع الجماعة، وفكرة "تسوية الوضع السياسي" مع الدولة، تقف الجبهة أمام مفترق طرق.
إما أن تبادر إلى خطاب وطني داخلي خالص، منسجم مع الواقع الأردني ومصالحه العليا، أو تبقى أسيرة خطاب تاريخي أنهكته التحولات.
الدولة الأردنية بدورها، ورغم دقة المرحلة، ما زالت تؤمن بأن العمل الحزبي مشروع، وأنه لا إقصاء معلن لأي تيار مادام ملتزمًا بالدستور والقانون.
لكن الوضوح مطلوب، والانتماء الوطني غير القابل للتأويل، أصبح شرطًا للثقة، بل للبقاء في الحلبة السياسية.
ولعل أبرز ما يميز المرحلة الحالية، هو أن المراقبة لم تعد فقط مراقبة داخلية، بل باتت نظرة إقليمية ودولية إلى التنظيمات والأذرع، وإلى دور الدين في السياسة، خصوصًا مع تزايد الحديث عن دور الجماعات في زعزعة الأمن، أو تغذية خطاب العنف، ولو بالصمت أو الغموض.
إن حزبًا بحجم جبهة العمل الإسلامي، أمام فرصة تاريخية لإعادة تعريف نفسه، خارج إرث الجماعة، وبالانخراط الكامل في المشروع الوطني الأردني.
فاللحظة الآن ليست لحظة خصومة بين الدولة والحزب، بقدر ما هي لحظة امتحان لصدق النوايا، ووضوح الانتماء، والتكيف مع دولة لا تقبل بأنصاف الولاءات.