حين وقفت السيدة ندى دوماني، مديرة مهرجان عمّان السينمائي، لتسأل:
"هل خرجنا عن النص؟"
أجابت بكلماتها الجميلة عن سؤالٍ كان في قلب كل فنان حقيقي، وكل إنسان لا زال يؤمن أن للثقافة موقفًا، وللفن شرفًا، وللشاشة دورًا لا يقل عن أي منصة نضال.
وأنا أقول:
نعم، خرجتم عن النص...
لأن النص الذي كُتب لنا أصبح رديئًا، مملوءًا بالخنوع، مشبعًا بالحياد القاتل، ملوثًا بخوفٍ يُكمم حتى الهمس.
خرجتم عن النص، لأن المألوف لم يعد بريئًا، بل صار شريكًا في البشاعة، وصار الصمت تواطؤًا، وصار "الروتين" تجميلًا للخراب.
خرجتم عن النص، لأنكم تمسكتم بقيم الإنسانية لا بأوامر السوق،
واخترتم أن تستمروا في التحضير، لا رغم صفارات الإنذار، بل تحتها،
بين أخبار الموت، وحصار الوجع، ورائحة الحرب التي تحوم فوق سماء كل بيت.
أن تقدّموا مهرجانًا في هذا الظرف، هو أكثر من فعل ثقافي...
هو فعل مقاومة، وصوتٌ من داخل الجرح، لا من فوقه.
في زمن يُطلب فيه من الفنان أن يخرس، أن يكتفي بالابتسام على السجادة الحمراء...
أن يغني بينما تُقصف غزة، ويصفّق بينما تُغتال الحقيقة،
أن يتقيّد بنص لا يشبهنا، ولا يشبه وجعنا ولا حبّنا ولا حكاياتنا...
في هذا الزمن، اخترتم أن تخرجوا عن النص.
وكم هو نبيل هذا الخروج!
لقد كتبتم نصًّا جديدًا،
نصًا يليق بعمان،
نصًا يليق بفلسطين،
نصًا يليق بالإنسان.
فشكرًا لكم، لأنكم لم تخضعوا، ولم تُسكتكم صفارات الإنذار.
شكرًا لأنكم آمنتم بأن الفن لا يُؤجل، حين تكون الحقيقة هي الضحية.
نعم، خرجتم عن النص...
فكنتم أصدق من كل نص.
شكرا مهرجان عمان السينمائي الدولي