زلزال الدولار القادم مؤتمر بريكس
سامي شريم
14-07-2025 10:59 AM
ما يحدث اليوم من تحركات لتحالف بريكس يشكل زلزالا اقتصاديا قد يعيد تشكيل النظام المالي العالمي بالكامل إذ أن خروج هذا التحالف عن هيمنة الدولار لا يمثل مجرد قرار اقتصادي بل خطوة سياسية استراتيجية تهدف إلى كسر احتكار الغرب لأدوات النفوذ العالمي المالي والسياسي معا.
منذ عقود والدول النامية تدفع ثمن استخدام الدولار في تجارتها وتمويلها وديونها فكل أزمة مالية أو تقلب في سعر الفائدة الأمريكية كان ينعكس فورا على ميزانيات هذه الدول ويضغط على شعوبها الآن تحالف بريكس يقول بوضوح كفى لهذا الابتزاز المالي المستمر.
إلغاء التعامل بالدولار في التبادل التجاري بين الدول الأعضاء سيقلل الطلب عليه عالميا مما يؤدي إلى انخفاض قيمته وتهديد مركزه كعملة احتياط رئيسية وهذا الأمر سيتسبب في اضطراب كبير في الأسواق الأمريكية وسيجبر واشنطن على رفع الفوائد أو طباعة مزيد من الدولارات مما يعني ارتفاع التضخم وتآكل القوة الشرائية للمواطن الأمريكي.
القرار الثاني بإطلاق عملة رقمية مشتركة بين دول بريكس سيعزز من قدرة هذه الدول على التحرك المالي بحرية ويجعلها أقل عرضة للعقوبات المالية الأمريكية مثل التي فُرضت على روسيا وإيران بل ويضعف من فاعلية سلاح العقوبات نفسه الذي استخدمته الولايات المتحدة كسلاح استراتيجي لعقود طويلة.
أما تفعيل بنك التنمية الجديد ومنحه صلاحيات أوسع في تمويل الدول النامية بشروط ميسرة وبعملات غير الدولار فهو أكبر تحدٍ يواجه البنك الدولي وصندوق النقد الذين كانوا يفرضون سياسات تقشفية على الدول مقابل القروض الآن هناك بديل أكثر عدالة يحترم سيادة الدول ولا يفرض شروطا سياسية.
النظام البديل لسويفت والذي تعمل عليه الصين وروسيا منذ سنوات سيمكن الدول من تحويل أموالها بحرية دون الحاجة للمرور بالمصارف الغربية وهذا بدوره سيحرم الولايات المتحدة من القدرة على تتبع أو تجميد أموال الخصوم وهو ما يعتبر تحولا استراتيجيا في مفهوم السيادة المالية.
أما أخطر ما في الأمر فهو قرار إعادة هيكلة الديون وتحويلها من الدولار إلى العملات المحلية هذا القرار سيحرر الدول المقترضة من أعباء تقلبات الدولار وسيوفر مليارات كانت تُهدر في أسعار صرف مجحفة.
كل هذه الخطوات تؤكد أننا على أعتاب ولادة نظام مالي جديد متعدد الأقطاب تتوزع فيه السلطة الاقتصادية ولا تتركز في يد قوة واحدة هذا التحول لن يكون سهلا ولن يمر دون مقاومة شديدة من الولايات المتحدة والغرب لكنه أصبح واقعا لا يمكن تجاهله.
وفي المحصلة فإن مستقبل الاقتصاد العالمي سيكون أكثر تنوعا وأقرب إلى العدالة إذا ما نجحت هذه التجربة أما الدولار فسيظل عملة هامة لكنه لن يعود اللاعب الأوحد في الملعب