الضمان الاجتماعي خط أمان وليس مؤسسة مالية
يزيد ابو سماقة
15-07-2025 03:12 PM
الضمان الاجتماعي يمثل واحدة من أهم أدوات الأمان الاجتماعي والاقتصادي في البلاد. وهو ليس مجرد مؤسسة مالية تدير أموال المشتركين، بل مكوّن أساسي في علاقة المواطن بالدولة، وفي إحساسه بالثقة تجاه المستقبل.
خلال السنوات الماضية، اتجهت استثمارات صندوق الضمان بشكل واضحنحو أدوات الدين الحكومية، حتى أصبحت تشكل أكثر من نصف المحفظة. هذا التوجه له ما يبرره من حيث الاستقرار والعائد الثابت، خاصة في بيئة اقتصادية متقلبة، لكن هذا الحجم الكبير من التركز يطرح سؤالاً منطقيا حول التوازن، ومدى الحاجة إلى مراجعة تدريجية في توزيع الاستثمارات.
ليس المطلوب قفزة مفاجئة أو انسحابًا حادًا من السندات. بل ما يمكن التفكير فيه بهدوء هو تقليص مدروس لهذه النسبة، بمعدل 2% سنويًا، على مدى خمس سنوات. بهذه الطريقة، لا تتأثر الدولة بشكل مفاجئ، وفي الوقت نفسه يفتح مجال أوسع أمام أدوات استثمارية أخرى، قادرة على تحسين العائد وتنويع مصادره.
البدائل موجودة، ويمكن أن تشمل استثمارات في أصول تحوطية مثل الذهب أو أدوات في الأسواق المالية المحلية والعالمية ذات طابع مستقر ومنظم، أو في قطاعات داخلية مثل الرعاية الصحية، التعليم، الزراعة أو النقل. هذه المجالات ليست فقط ضرورية من الناحية التنموية، بل يمكن أن تقدم عوائد مجدية على المدى المتوسط والطويل دون مستويات مخاطرة عالية.
النقاش حول استثمارات الضمان لا يجب أن يُختزل في أرقام مجردة، بل في مبدأ أساسي: هل توظف أموال الناس بطريقة متوازنة، تحافظ على قيمتها، وتحقق لها عائدًا، وتخدم غرضها الأصلي؟
حين يصبح الجزء الأكبر من المحفظة مرتبطا بأداء الدولة نفسها، يفقد الصندوق جزءًا من استقلاليته ومن قدرته على التحرك، خاصة إذا تغيرت الظروف المالية العامة.
الحديث هنا ليس عن أزمة، بل عن ضرورة مراجعة والفرق بين الاثنين مهم. مراجعة هادئة، متدرجة، مبنية على أرقام وواقع، لا على صدام سياسي أو مزايدة إعلامية مثل هذه الخطوة، حتى لو بدت محدودة، يمكن أن تعيد التوازن المطلوب، وتعزز ثقة الناس في مؤسسة من المفترض أن تكون على مسافة واحدة من الجميع، وأن وظيفتها الأولى هي الامان.
* مدير إدارة المخاطر في شركة استثمارية