facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الصندوق الأسود 22: احذروا فيروس"بيرو- فرعونية"


د. كفاية عبدالله
18-07-2025 11:08 AM

في الوقت الذي يتأهب فيه العالم لاستقبال موجات جديدة من التغيير العاصف في الاتجاهات الإدارية الحديثة، والمتعددة، والمتنوعة، والمتجددة، والتأهب لركوب أمواج الذكاء الاصطناعي، والتحول الرقمي، والسعي لتحقيق الرشاقة المؤسسية، وزيادة الإنتاجية، والحد من هدر الموارد، وضمان التنافسية، والبحث عن أدوات الاستدامة لإدارة استمرارية الأعمال... ما يزال البعض على إدارة الموظفين بـ"عقلية السوط".

أمام مشهد عالمي يتصدره الخوارزميات لا الأهواء، والبيانات لا الانطباعات، والقرارات المبنية على الأدلة، والسياسات القائمة على القيم، والتصميم التشاركي، والمسؤولية المشتركة، والانخراط في فرق عمل جماعية تذوب فيها الأسماء والألقاب وتعلوها مصلحة المؤسسية؛ ينبثق صوت من غرف مغلقة في دهاليز ما قبل الإدارة الحديثة: أني أنا ربكم الأعلى! ما أريكم إلا ما أرى! إنه فيروس "بيروفرعونية"، استبداد فردي يتغذى على بيروقراطية متصلبة، لتتكاثر خلايا سرطانية خبيثة تحتكر القرار وتقمع الأفكار، وتنمو بشكل عشوائي لتحويل المورد البشري الرأسمالي إلى مجموعة أتباع لا تملك حرية التفكير ولا بيان الرأي، في مشهد دراماتيكي يفكك مقدرات المؤسسات ويضرب إنجازاتها ويؤدي إلى تآكلها.

سلام من قولٍ رحيم، إنه الفيروس الخبيث الذي يتغذى على خوف الموظفين، والتلويح بعصا التجويع. تُغتال فيه الكفاءات، وتُدفن إنجازات أصحاب القدرات، وتُعطل فيه العقول، ويعلو صوت الصخب والمطالبة بالتصفيق والصفير للأقوى من ملك زمام الأمر وإدارة الأفراد. تُبطل الحجة ويعلو السلطان، ويغيب المنطق، ويتصدر المسؤول الموقف لإدارة موكب المماليك، وإدارة المزرعة الخاصة في العصر المعاصر الحديث، القائم على الخفة، والرشاقة، والتمكين، والتمتين، والعمل المرن، والتفكير التصميمي، والمساءلة التعاونية.

أسوأ ما في فيروس "بيروفرعونية" هو سهولة انتشاره بذرائع امتلاك الصلاحيات وفقًا لنفاذ القانون، وحفظ هيبة المدير. وآثاره التدميرية في استنزاف طاقات الموظفين، وهدر الموارد، وتعطيل الإنتاجية، وتغييب المصلحة العامة للمؤسسات، وتفريخ أجيال جديدة من الموارد البشرية فاقدة الثقة، مشوهة سمات الشخصية الوظيفية، ضعيفة الانتماء. "لا سيما أن المظلوم لا ينتمي". ترى الطاعة الخانعة فضيلة، والصمت عن الخطأ حفاظًا على الطاقة النفسية، والإبداع بدعة محرمة، ولا سيما أن وجيب الموظف مهدد بأن يصاب خرق تتطاير معه الحقوق المالية، مع تفشي ثقافة النفاق، والتسلق للوصول بغير الاستحقاق.

أي مستقبل ترجوه في ظل قيادة تصنع العجز، وتعطل العقل، وتقيد الفعل الإيجابي، وتكافئ التملق، وتطمس الكفاءات، وتعادي الإبداع والابتكار؟ كيف ترجو لموظف تغذى على عصا "الهراوة" أن يربي طفلًا عزيزًا؟ كيف تعبّئ جيلًا حارسًا لمقدرات أمته وقد وُلد في سجن، وقع والده في قفص مقاومة الظلم؟

لكننا لا نكتب للبكاء على الأطلال، بل نكتب من أجل التاريخ. نكتب لنكسر الصمت؛ أوقفوا انتشار المرض الخطير. فلتحطم أصنام احتكار القرار بذريعة التقيد بالأعراف التنظيمية.

احذفوا من قاموس الإدارة مصطلحات تعطيل التفكير بذريعة "ما أريكم إلا ما أرى". إن اكتشاف المرض في مراحله الأولى يساهم في سرعة تداركه ومنع انتشاره، مع الاعتراف بخطورة المرض وضرورة استئصاله، ووجود خطوات جريئة، ومراجعة صادقة لأنظمة الموارد البشرية، وترشيق وتقنين صلاحيات المسؤول، وبناء نظم مساءلة جريئة تضمن عدم انفلات السلطة من الرقابة، وحراسة العقل المؤسسي.

ولا أبالغ بالقول إنها ضرورة وطنية، وأنه يتطلب قرارًا وطنيًا بامتياز، مع إطلاق حملة وطنية شاملة (تشريعية، وتنظيمية، وإجرائية، وتوعوية تثقيفية) على المستوى التعليمي، والتنظيمي، والمجتمعي، مسامرة ودائمة.

ذلك أنه ليس أحداثًا فردية، وليس مجرد مشاغلة لأحداث جانبية، بل هو من أولى أولويات المؤسسات لتحقيق الرؤى والتطلعات الاستراتيجية، والحفاظ على الموروث المهني، وأخلاقيات الوظيفة، والحفاظ على تماسك المجتمع والسلم المجتمعي، لبناء أوطان بعقول حرة، نَيِّرة، مستنيرة، يدفعها الولاء للوطن وتملك أدوات بنائه.

Kifaya2020@gmail.com





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :