facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




ممر النبي داود .. الحلم التوراتي الذي يتسلل عبر الجغرافيا العربية


د. بركات النمر العبادي
19-07-2025 12:46 PM

بينما تتشابك خيوط الصراعات في الشرق الأوسط، يطفو على السطح مصطلح جديد يثير القلق والأسئلة: "ممر النبي داود" ليس مجرد اسم ديني، بل مشروع جغرافي–استراتيجي يُتداول في أروقة التحليل السياسي والخرائط غير الرسمية، يوحي بمحاولة إعادة رسم ملامح المنطقة على أسس توراتية وتوسعي ، من الجولان المحتل ، مرورًا بسهول الجنوب السوري ، وصولًا إلى ضفاف الفرات... يقال إن الطريق قد رُسم، ولو بالحبر السري.

فهل هو وهم سياسي أم خطة تُنسج على مهل ؟ وهل ما يُطرح مجرد أوراق ضغط إعلامي أم ملامح لمشروع يتجاوز حدود الخرائط التقليدية ؟ هذا المقال يأخذك إلى قلب هذا الممر، بين النصوص القديمة والسياسات الحديثة ، لكشف ما وراء "الطريق المقدس" .

ولعل الجغرافيا تتحرك من النص التوراتي إلى المخطط العسكري ، ولطالما ارتبطت فكرة "إسرائيل الكبرى" بنص توراتي غامض ، يُترجم في شعارات متداولة مثل : "من النيل إلى الفرات" لكن مع تغير المشهد الإقليمي بعد 2011، وتفكك منظومات السيطرة التقليدية في سوريا والعراق ، وبدأ الحديث يتزايد عن "ممر بري" يربط إسرائيل بالعمق الشرقي، في سياقٍ جغرافي يبدو في ظاهره لوجستيًا، لكنه في باطنه يحمل أبعادًا عقدية واستراتيجية خطيرة.

وفق تحليلات متقاطعة ، يُعتقد أن الممر المقترح يمتد من الجولان المحتل باتجاه السويداء ودرعا ، ثم يعبر الصحراء السورية متجاوزًا منطقة التنف حيث الوجود الأمريكي، ليصل إلى دير الزور، على ضفاف الفرات، حيث تلتقي تعقيدات الجغرافيا بالنفوذ الإيراني والروسي والمحلي

يُنظر إلى هذا الممر على أنه حزام أمني صامت ، تسعى إسرائيل لضمانه، ليس فقط لحمايتها من "الخطر الإيراني"، بل لخلق منطقة عازلة طويلة الأمد تمتد في العمق العربي وتقطع امتدادات محور طهران–بغداد–دمشق–بيروت.

ليس اختيار اسم "ممر النبي داود" اعتباطيًا فداود، النبي الملك في النصوص التوراتية، يُصوَّر كفاتحٍ عظيم أقام مملكةً مزدهرة عاصمتها القدس ، امتدت ، وفق الرواية، من حدود مصر جنوبًا حتى نهر الفرات شرقًا ، هذه الرواية، التي تشكل أحد أعمدة الفكر الصهيوني التأسيسي ، تُستدعى اليوم في خطاب ناعم لكنه محمّل بالرسائل : إعادة الاعتبار للمجال الحيوي التاريخي لإسرائيل التوراتية ، وتبرير أي توسع جغرافي على أنه "عودة إلى الأصل الإلهي".

لكن علماء الآثار، ومنهم إسرائيليون بارزون ، يشككون في هذا التصورفالأدلة الأثرية ، حتى اليوم ، لا تُثبت وجود مملكة داودية موحدة ذات امتداد إمبراطوري، بل تشير إلى كيانات محلية صغيرة. ومع ذلك ، تُستغل هذه "المملكة الكبرى" المفترضة في التبرير السياسي والديني لعمليات التوسع، سواء عبر المستوطنات أو عبر مشاريع أكثر جرأة مثل "ممر النبي داود".

وفي السياق المعاصر، يُعاد توظيف هذا الاسم ليمنح المشروع الجغرافي هالة دينية، تُخدر الحذر الإقليمي وتُلهب الحماسة الأيديولوجية داخل بعض الأوساط الإسرائيلية، هو "ممر" عسكري–جغرافي، نعم، لكنه مغلف برمزية دينية تُحاول إضفاء الشرعية على مشروع استيطاني يتجاوز الأرض... إلى الذاكرة.

رغم أن مشروع "ممر النبي داود" لا يزال حبيس التقارير والتحليلات ، إلا أن خطورته تكمن في الفكرة التي يحملها ، لا في مدى تنفيذها الفعلي، فحين تمتزج الأيديولوجيا الدينية بالنزعة التوسعية، تصبح الجغرافيا أداة طيّعة في يد مشاريع قديمة بثوب حديث ، تُعيد تشكيل المنطقة لا على أسس المصالح فقط ، بل على وقع نبوءات وتفسيرات توراتية.

ما يجعل هذا الممر مثار قلق ، ليس فقط ما يحمله من تهديد جيوسياسي لسيادة الدول والشعوب في بلاد الشام والرافدين، بل أيضًا لأنه يُعيد إنتاج رواية تاريخية مشكوك فيها ، على أنها أساسٌ للسياسة المعاصرة.

وإن كانت المعطيات الواقعية – من التوازنات الإقليمية إلى التعقيدات العسكرية – تجعل من تنفيذ هذا المشروع أمرًا صعبًا ، فإن مجرد وجوده كمخطط ضمن المخيلة السياسية كافٍ لتغيير قواعد اللعبة، وتكريس الانقسام ، وخلق مناطق نفوذ تتجاوز السيادة ، وتخاطب الأسطورة أكثر مما تخاطب الحقائق.

في نهاية المطاف، تبقى مسؤولية التصدي لهذه المشاريع قائمة ، ليس فقط بالعتاد والجغرافيا ، بل عبر الوعي والسردية المضادة التي تُفكك الأسطورة ، وتعيد الأمور إلى سياقها التاريخي والواقعي ، وهنا دعوه للعرب و المسلمين من المفكرين و رجال الدين و التاريخ و االادباء و لكل من يمتطي صهوة القلم ان يبداوا في استحضار سرديات الحقائق الكفيلة بتفكيك الاسطورة الصهيونية وتبديد الغبار الصهيوني من افكار العالم الذي لم يعد بمقدوره الاستماع الا للرواية الصهيونية .

حمى الله الاردن و سدد على طريق الحق خطى قيادته وشعبه





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :