facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




في الذكرى 74 لاغتيال الملك عبدالله


د. فيصل الغويين
20-07-2025 10:06 PM

استند الأمير/ الملك عبد الله في كل الأدوار السياسية والعسكرية التي لعبها قبل وبعد خروجه من الحجاز، إلى مبدأ الواقعية والاعتدال والمرونة، ويعتبر من أبرز قادة المدرسة السياسية المشرقية التي رفعت شعار “خذ وطالب”، التي فرضتها موازين القوى المختلة لصالح الدول الاستعمارية، حيث اتجهت القيادات الوطنية المحلية في عموم المشرق العربي، إلى النضال السياسي لتحقيق استقلالها، بعد فشل العمل المسلح.

كان مشروع سوريا الكبرى حلما راود الأمير فيصل بن الحسين، الذي رأى أنه لا يمكن دمج الحجاز وسورية في حكومة واحدة، إلا أنه بعد دخوله دمشق، وإعلان قيام الحكومة العربية هناك، اضطر أن يقبل بحكم جزء من سورية الكبرى. وبعد خروجه من دمشق بدأت مرحلة جديدة من التعاطي مع المشروع مع الأمير عبد الله بن الحسين، الذي أعاد طرحه وتبنيه بعد تنصيبه أميرا على شرقي الأردن.

لم يخف عبد الله بن الحسين طموحه السياسي، ولم ير في حكم شرقي الأردن سوى مرحلة مؤقتة على طريق الوحدة السورية الكبرى، وعد وحدة أقطار بلاد الشام خطوة مهمة نحو الوحدة العربية. ولما اتهمه أعداء الوحدة السورية بالطمع الشخصي، نفى عن نفسه هذه التهمة، وأعلن استعداده للقبول برأي سكان الأقاليم الشامية في نظام الحكم الذي يختارونه، سواء أكان ملكيا أم جمهوريا.

ركز الموقف السياسي الأردني الذي مثله الأمير عبد الله على ضرورة رفض جميع الاتفاقات والمشاريع الغربية التي كرست التجزئة، وخاصة التي قسمت بلاد الشام إلى وحدات سياسية متعدةة، وقد عبر عن ذلك بقوله:” سوريا في اعتقادي هي سورية الصحيحة - سوريا الكبرى- ديار الشام المعروفة بالتاريخ وليست سوريا التي يتعارف عليها اليوم بمثل ما خطط الاستعمار، وجعلها هذا الجزء من سوريا الشمالية فقط”.

واجه المشروع معارضة صهيونية وعربية وغربية، متعددة الدوافع، وبالرغم من إدراكه صعوبة الوصول إلى هذه الأهداف، فقد سعى إلى تحقيقها مستعينا بالزمن والصبر، فهو يرى أنه :” إذا كان هناك هدف لا يمكن تحقيقه اليوم أو حتى غدا، فإنه لا يوجد سبب للتخلي عنه، وأن الزمن قادر على تغيير الأوضاع”.

الجامعة العربية
وقف الأمير عبد الله ضد مشروع الجامعة العربية، وشكك في جدواها، وكان يطمح إلى شكل وحدوي يستند أساسا إلى وحدة سورية الكبرى، ثم قبل بها كأمر واقع يستهدف تنسيق العمل العربي المشترك. يقول في هذا الصدد:” الجامعة العربية جراب أدخل فيه سبعة رؤوس: اليمن والعراق وسوريا ولبنان وشرقي الأردن ومصر والسعودية بصورة عجيبة جدا... وفي هذا يتجلى للأمة العربية التسابق العجيب بين دولها السبع، تسابق مقيد ومطلق، إما قيد احتلال، وإما قيد عهد، وإما قيد جهالة.. وظن الغريب الراضي عن هذه الجامعة أنها ستكون خير أداة لدوام الانتدابات، ودوام الأحكام العهدية، وإني تارك لغيري تفسير الظنون”.

لم يفقد الأمير أمله في قيام الوحدة السورية، بعد قيام الجامعة العربية، وسعى إلى ذلك من خلال مجلس الجامعة، لكنه واجه معارضة عربية سعودية مصرية بالأساس، ولذلك رأى في الجامعة آنذاك عائقا لمشروعاته الوحدوية. وكانت تجربته معها مريرة في الحرب العربية اليهودية (1948 - 1949)، وفي موقفها المعارض من الوحدة الأردنية - الفلسطينية عام 1950.

الاغتيال
كان عبد الله متقدما على معاصريه العرب في إدراكه لطبيعة الحركة الصهيونية، ولما تحظى به من مساندة عالمية. ورأى في الوجود الصهيوني في فلسطين، سرطان ينمو بسرعة مذهلة، ولا بد من احتوائه، وإيمانا منه بأن وحدة فلسطين والأردن هي الأساس، رأى الأمير نهاية الثلاثينيات، أنه لا بد من قيام مملكة موحدة تضم فلسطين والأردن، على أن يتمتع اليهود بإدارة مختارة في المناطق اليهودية التي تحددها لجنة مشتركة من الانجليز والعرب واليهود. ويمثل اليهود في برلمان المملكة الموحدة ومجلس وزرائها بنسبة عددهم، وتنحصر الهجرة اليهودية إلى هذه المنطقة، وتحظر الهجرة إلى المنطقة العربية إلا بموافقة العرب، غير أن اليهود رفضوا هذا العرض كما رفضه العرب.

أيد الأمير عبد الله قرار التقسيم لسنة 1947، فهو في نظره يوسع ملكه، ويفتح الباب لوحدة الأقطار السورية. كما كان يدرك عجز العرب عن الوقوف في وجه تنفيذ هذا القرار، ولذلك عقد آمالا كبيرة على اتصالاته بالوكالة اليهودية للوصول إلى تسوية لقضية فلسطين، وعقدت عدة اجتماعات بين مسؤولين أردنيين وإسرائيليين في المدة الواقعة بين تشرين الثاني 1949 وآذار 1950، دون الوصول إلى نتائج ملموسة.

كشفت الصحف الأمريكية النقاب عن هذه المفاوضات السرية، وتناولتها الصحف المصرية، ولم يكن المناخ السياسي العربي مهيئا لهذه الاتصالات. كما لم يكن الجانب الإسرائيلي مستعدا لتقديم أي تنازلات لتسوية القضية الفسطينية. وقد أسهمت هذه المفاوضات في حبك التآمر على حياته.

امتلك الأمير عبد الله تصورا شاملا لقضية فلسطين، كان الحل السياسي أحد مراحله، غير أن فهمه للواقع الدولي وللإمكانيات العربية جعله يؤمن بالحل المرحلي، مع إيمانه المطلق بأن المستقبل لأمته، وهو ما تجلى في بيانه إلى الشعب اليهودي عندما قال :” وإلى الهاغانا .. أو ما إلى ذلك من أسماء، أوجه القول بأن الشوط طويل، وأن العرب كثر، وأنكم تماديتم كثيرا”.

اغتيال رياض الصلح في عمان
وفي 13 تموز وقبل أسبوع على اغتيال الملك عبد الله، قام رياض الصلح رئيس وزراء لبنان آنذاك بزيارة إلى عمان، تلبية لدعوة من الملك عبدالله، وقد فسرت الزيارة على أنها محاولة من الصلح للتقرب إلى الملك عبدالله، والتوسط بينه وبين عبد الإله في موضوع اتحاد الأردن والعراق، أو لاتخاذ خطوة إيجابية تجمع بين الأردن ولبنان. وبعد ثلاثة أيام أغتيل الصلح في عمان، إثناء مغادرته إلى لبنان. وقد أكد الملك عبد الله أن الذين قتلوا رياض لا يريدون لمشاريع الوحدة أن تنجح. ولم يمهل القدر الملك ليوضح ما هية المشاريع التي يقصدها، وما الذي اتفق عليه مع الصلح.

اغتيال الملك عبد الله في القدس
قبيل حادثة الاغتيال يذكر ناصر الدين النشاشيبي، أن الملك عبد الله حدّثه عن تحذير وصله من السفارة الأمريكية من مؤامرة معدة لاغتياله، ومكان تنفيذها القدس أو عمان، وأن المخابرات الأمريكية نصحت بعدم سفره الى القدس، وقال الملك للرسول الأمريكي: "وهل تريدون أن أقطع علاقتي مع شعبي، وأن أحبس نفسي في القصر؟ إنني ملك مسلم اؤمن بأن لكل أجل كتاب، وأنه، لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا، وأن القدس هي البلد الأمين بالنسبة لي وأهلها أهلي..”.

قرر الملك عبد الله الذهاب للصلاة في المسجد الأقصى، وما أن وطئت قدم الملك عبد الله بوابة المسجد الأقصى، حتى وقف أحد المصلين من خلف الباب من داخل المسجد، وأطلق النار من مسدسه على رأس الملك عبد الله. أما القاتل ويدعى مصطفى شكري العشو فقتل فوراً على يد الضابط الخاص للملك عبد الله محمد السعدي.

وجه الاتهام الى عبد الله التل، وموسى الأيوبي، وموسى الحسيني، وعبد عكو، وزكريا عكو، وعبد القادر السدمير وولده، والأب عياد، وداود الحسيني، ومحمد عكو، وتوفيق صالح الحسيني، وبعد مرافعات ومداولات استمرت أربعة أسابيع قررت المحكمة تبرئة كل من : داود الحسيني، والأب عياد، ومحمود عكو والد عبد عكو، وأدانت الباقين وحكمت بإعدامهم، وقد نفذ الحكم فيهم باستثناء عبد الله التل، وموسى الأيوبي اللذين كانا فارين.

من قتل الملك عبدالله؟
تعددت الاجتهادات في قضية اغتيال الملك عبد الله، وقد تبين أثناء المحاكمة أن خيوط العملية حيكت في القاهرة عندما كان عبد الله التل لاجئاً سياسياً يعمل ضمن جماعة أمين الحسيني الموجود في القاهرة. وكانت الهيئة العربية العليا التي يرأسها الحسيني تعارض ضم الضفة الغربية الى الأردن، وتسعى الى تأسيس حكومة مستقلة على ما تبقى من الأراضي الفلسطينية بعد قيام دولة الكيان على اثر حرب 1948، لكن ذلك السعي رفض من قبل الملك عبد الله الأمر الذي أدى الى تشكيل معارضة قوية ضد الملك حظيت بدعم من مصر وسوريا والسعودية.

وهناك من ذهب الى إلقاء التهمة على بريطانيا، وذلك بالاستناد الى واقعة سياسية وهي ثبوت التهمة على موسى الحسيني الذي كان على علاقة وثيقة ب (كلوب) و(لاش بك) قائد الفرقة الأردنية في فلسطين، وكانت هذه العلاقة تتخذ طابع التكتم والسرية، وكان موسى الحسيني بعيداً فكراً وسياسة عن الحاج أمين الحسيني؛ لذلك فان الانجليز استعملوه ليسهل ربط الجريمة بالحاج أمين، وعبد الله التل.

ويرى وليد صلاح الذي تولى التحقيق في الجريمة: "إن الحقيقة التي لا شك فيها ولا ريب انه لا يد للأجانب أو للاسرائيليين في مقتل الملك عبد الله، وإنما هي مؤامرة عربية".

وفي مقدمة كتابه "من قتل الملك عبد الله"؟ يؤكد ناصر الدين النشاشيبي أنه بحث لأسابيع وشهور طويلة في وثائق وزارة الخارجية البريطانية، وأنه وصل الى استنتاج مفاده أن الملك عبد الله هو أحد ضحايا الاستعمار البريطاني، وأن مشاريعه الوحدوية كانت مشاريع وطنية صادقة، وكانت سبب الخلاف والتصادم المستمر بينه وبين الانجليز، وأن الرجل كان وفياً لعروبته وإسلامه، وأن الانجليز تآمروا على طموحاته التي كانت أكثر بكثير من إمكانياته، وأنهم أفسدوا خططه، وفعلوا كل شيء لتشويه صورته حتى في أذهان مواطنيه وأبناء شعبه.

ويؤكد النشاشيبي أنه كان في وزارة الخارجية البريطانية ملفان يتعلق أحدهما بموسى الحسيني والآخر بعبد الله التل، وكان من المفروض أن يسمح بالاطلاع عليها بعد مرور ثلاثين سنة على الحادثة ، ولما ذهب النشاشيبي بقصد الاطلاع عليها فوجئ بأن أمرا قد صدر من الخارجية البريطانية بإبقاء الملفين مغلقين لمدة 75 سنة أخرى، بحيث لا يتم الإفراج عنه قبل عام 2055م. ومعنى ذلك أن بريطانيا لا تريد لأحد أن يعرف اسم الجهة التي كانت تخطط لاغتيال الملك، ويرجح تورط بريطانيا في العملية.

أما علي أبو نوار فيقول:" التقيت بعبد الله التل سنة 1957 في القاهرة عندما لجأت إليها، وتباحثت معه في التهمة التي وجهت إليه، وأقسم لي انه بريء ولا علاقة له باغتيال الملك عبد الله".

ويقول الملك حسين معلقاً على هذه المسألة:" فكرت دوماً بأنّ مصر كان لها نصيب من المسؤولية في الاغتيال، إلا أنّ جدي كان له فيها كثير من الأعداء، ولقد كانت مؤامرة ترمي الى تفكيك أجزاء الأردن".

أعلن توفيق ابو الهدى الذي شكل الحكومة بعد وفاة الملك عبد الله، أسس السياسة الأردنية الجديدة، التي تقوم على عدم انضمام الأردن إلى أي بلد عربي، وأن أي اتحاد بين بلدين عربيين، يجب أن يتم بموافقة البلدان العربية. وبذلك طويت صفحة سوريا الكبرى التي كانت الحلم الأول للملك المؤسس.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :