facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




في غزة التجويع والرهائن وصمة عار في جبين الإنسانية


م. وائل سامي السماعين
28-07-2025 08:53 PM

ما يحدث في غزة منذ أشهر ليس مجرد مواجهة عسكرية، بل كارثة إنسانية تتكشف أمام أعين العالم بصمتٍ فاضح. فحين يُمنع الغذاء والدواء والماء والكهرباء عن أكثر من مليوني إنسان، وتُحوَّل مدينة بأكملها إلى سجن كبير، وتُقصف الملاجئ والمدارس والمستشفيات، فإن ما نراه لم يعد حربًا بل جريمة ممنهجة.

في هذا المشهد المأساوي، تتحول أجساد المدنيين إلى أدوات تفاوض، وأرواح الأبرياء إلى أوراق ضغط. حماس تحتجز رهائن، واليمين الإسرائيلي المتطرف يفرض حصارًا وتجويعًا وعقابًا جماعيًا. والنتيجة واحدة: الإنسان يُستخدم وسيلة في صراع لا يعرف حدودًا للوحشية.

إن القانون الدولي الإنساني، ممثلًا في اتفاقيات جنيف الأربع (وخاصة الاتفاقية الرابعة بشأن حماية المدنيين وقت الحرب)، يُجرّم بشكل صريح العقاب الجماعي، ويُحرّم استهداف المدنيين أو استخدامهم كدروع بشرية أو أدوات تفاوض. كما تنص المادة (3) المشتركة بين الاتفاقيات على ضرورة احترام حياة وكرامة الأشخاص غير المشاركين في القتال، في كل الظروف.

كذلك، فإن المادة 54 من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف تمنع استخدام التجويع كوسيلة من وسائل الحرب، وتحظر استهداف الموارد الضرورية لبقاء السكان المدنيين.

أما من ناحية الشرائع السماوية، فإن جميع الأديان تُجمع على حرمة النفس البشرية وتجريم الظلم، ووجوب حماية المستضعفين، خاصة النساء والأطفال. ومع ذلك، تُنتهك هذه المبادئ تحت شعارات كاذبة، سواء باسم المقاومة أو تحت راية الدفاع عن النفس.

المنظمات الدولية، من الأمم المتحدة إلى الصليب الأحمر، عبّرت عن قلقها الشديد، وأكدت أن ما يحدث في غزة يرتقي إلى جرائم حرب، بل وربما جرائم ضد الإنسانية. لكن، ورغم التقارير والتصريحات، لا تزال آلة القتل والحصار تعمل بلا رادع، ولا يزال العجز الدولي يمنح القتلة وقتًا إضافيًا لإكمال جريمتهم.

في غزة، التجويع والرهائن ليسا فقط جريمة، بل وصمة عار في جبين الإنسانية. وصمة لن تُمحى بالبيانات الدبلوماسية، ولا ببيانات "القلق"، بل بالفعل: بوقف العدوان، بإطلاق سراح المدنيين والرهائن، بكسر الحصار، وبمحاسبة كل من تورّط في هذه الجرائم، أيًّا كان.

لقد سقطت كل الأقنعة حين أصبح الإنسان أداة في صراعكم. فلا المقاومة تُشرّف حين تحتجز الأبرياء وتساوم بهم، ولا دولة تُحترم حين تجوّع شعبًا بأكمله تحت ذريعة الدفاع عن النفس.

أنتم، بفعلكم، تتجاوزون حدود السياسة والعسكرة إلى قاع السقوط الأخلاقي. لقد حوّلتم المدنيين إلى دروع، والأطفال إلى أهداف، والمآسي إلى أوراق ضغط على طاولة تفاوض قذرة. لقد خنقتم الأمل، وقتلتم البراءة، ودفنتم الإنسانية تحت ركام حساباتكم الضيقة.

فلتعلموا أن التاريخ لا يرحم، وأن الشعوب لا تنسى، وأن العدالة قد تتأخر لكنها لا تغيب. أنتم اليوم مسؤولون، لا أمام القانون فقط، بل أمام ضمائر أجيال قادمة ستقرأ ما فعلتم وتتساءل: كيف وصل الإنسان إلى هذا الانحدار؟.

كفى متاجرة بالبشر.
كفى تبريرًا للجريمة.
كفى استخدامًا للإنسان كوسيلة حرب.

waelsamain@gmail.com





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :