إعلان نيويورك: المجتمع الدولي يحمّل حماس ومموليها ثمن التعطيل
م. وائل سامي السماعين
31-07-2025 06:02 PM
في خضم الزخم الدولي المتزايد نحو إعادة إحياء حل الدولتين، جاء "إعلان نيويورك" الصادر عن المؤتمر الدولي للتسوية السلمية، بمشاركة غير مسبوقة من القوى الإقليمية والدولية، ليعيد ترتيب الأولويات، ويكشف بوضوح عن معادلة جديدة في تحميل المسؤوليات، وفي مقدمتها تحميل حركة حماس ومموليها الإقليميين والدوليين المسؤولية السياسية والإنسانية والأمنية عن الوضع الكارثي في غزة.
رغم أن صياغة البيان اعتمدت الخطاب الدبلوماسي، فإن الرسائل كانت جلية:
الفقرة 8 تشدد على أن "على حركة حماس إطلاق سراح جميع الرهائن فوراً"، وتربط ذلك صراحة بتحقيق وقف إطلاق النار واستئناف أي مسار سياسي.
الفقرة 11 تطالب حماس بإنهاء حكمها في غزة وتسليم أسلحتها للسلطة الفلسطينية، في سياق دولي داعم لعملية نزع سلاح وتسريح وإعادة إدماج تحت إشراف آلية دولية.
أعاد المؤتمر تعريف من يمثل "الشعب الفلسطيني" أمام المجتمع الدولي. السلطة الفلسطينية تعود إلى الواجهة بغطاء دولي شامل، بينما يُطلب من حماس التخلي عن السيطرة والحكم والسلاح كشرط للاندماج في المرحلة السياسية القادمة. كذلك، لوّح في الفقرة (33) باتخاذ إجراءات دولية "محددة الهدف" ضد أي طرف يعرقل الحل، سواء عبر العنف أو الإرهاب أو عبر التمويل والدعم غير المشروط، وبما يخالف القانون الدولي. والسؤال هنا هل سيتم تطبيق عقوبات رادعة على الجهات الممولة لحركة حماس ؟
وهنا تتسع دائرة الاتهام، لتشمل ليس فقط قيادة حماس، بل كل من يمول أو يدعم مشروعها العسكري أو الإعلامي أو السياسي. فالدول والجهات التي تدفع باتجاه تمكين حماس عسكريًا، تتحمل عمليًا:
مسؤولية استمرار احتجاز الرهائن،
تفاقم المجاعة،
تعطيل مشاريع إعادة الإعمار،
تقويض فرص التوصل لحل الدولتين.
وقد أصبح واضحًا أن التمويل غير المشروط لحماس لم يعد يُنظر إليه كدعم للمقاومة، بل كتمكين للانقسام وإدامة الفوضى.
الرسالة الجوهرية للبيان هي أن لا دولة فلسطينية مستقبلية مع وجود سلاح خارج عن سلطة الدولة، ولا مشروع سلام مع وجود جهات تتصرف فوق القانون الدولي. فالدعوة إلى "دولة واحدة، حكومة واحدة، قانون واحد، سلاح واحد" لم تكن مجرد شعار، بل شرط أساسي للاندماج الإقليمي، وإعادة الإعمار، وحتى الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
إعلان نيويورك ليس إعلان نوايا فقط، بل بداية مرحلة جديدة عنوانها: لا تسوية مع من يحتجز الرهائن، ولا إعادة إعمار تحت راية الميليشيات، ولا دولة تُبنى بسلاح مزدوج وولاءات متناقضة.
وهنا يبرز السؤال الأكثر إلحاحًا: ما هو دور الفلسطينيين والعرب في الضغط الجاد على حماس لفك أسر غزة؟
هل سيبقون في موقع المتفرّج، بانتظار حل يُملى من الخارج؟ أم أنهم مستعدون لتحمّل مسؤولياتهم التاريخية، والانتقال من سياسة الإنكار إلى موقف حاسم يضع المصلحة الوطنية فوق الحسابات الحزبية؟
لقد آن الأوان لأن يُقال بوضوح: من يريد دولة فلسطينية مستقلة، لا يمكنه التواطؤ مع من يختطف القرار الوطني ويحتجز غزة رهينة.