facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




ملكاوي أردني مغترب


المستشار محمد ملكاوي
02-08-2025 11:44 PM

في وداع الدكتور خالد ملكاوي طبيب القلب الذي فارقنا مسرعاً.

الدكتور خالد ملكاوي، توفاه الله اليوم هو صاحب أول مشروع حداثي حقيقي في الأردن.

العام 2005، في لوبي فندق إنتركونتننتال دبي، وضع أمامنا طبقان، فيهما خبز توست محشوّ بقطع من لحم ديك الحبش — أو كما يسميه بعض المصريين : "الديك الرومي" — ولكن النادل لم يُحضِر شوكة ولا سكينًا.

منذ أن بدأت أفهم الحياة، وأنا أستغرب من حبي الكبير للغرب كنت مستغرباً كثيراً إذا صح القول (مستغرباً عكس مستشرق).

كنت أرى أن الشوكة والسكين، أو طريقة تقطيع اللحم، وأكل الأرز بها علامات على الإيمان بهذه الحضارة.

كل ذلك تذكّرته بينما كانت الطاولة تفصل بيني وبين ريم زوجتي وخالها، الدكتور خالد، وعلى الطاولة طبق "كروك موسيو".

أمسك الدكتور خالد بأحد قطع الكروك مسيو بيده وأكلها، وقال يومها:

- إذا لم يأتوك بشوكة، فهذا يعني أن تأكلها بيدك.

تحدثنا عن تاريخ الشوكة، وقال إن هناك مطعماً صغيراً بجبال الألب الباردة هو أول من ابتكرها، وإن حجز طاولة فيه قد يكلفك آلاف من الدولارات.

الدكتور خالد، ابن ملكا الأردني النشأة، أنهى حديثه معتذرًا لأن جاك شيراك حينها كان سوف يلقي خطابه السنوي بمناسبة العيد الوطني الفرنسي في 14 تموز من كل عام.
قلت في نفسي: هل هذا فرنسي أم أردني ؟ لماذا يهتم بخطاب جاك شيراك، ويأكل بيده؟

الدكتور خالد غادر الأردن – على ما أظن – عام 1968، ودرس الطب في اسبانيا ومن ثم انتقل إلى فرنسا.

أُغرِم بالحياة الفرنسية وعاش تجربتها.

تزوّج من نيكول، الإنسانة الرائعة، وأنجب منها: عادل وأسماه ستيفان، وداوود وأسماه ديفيد، وجبريل وأسماه جبرائيل.

غادر الأردن عندما كانت بيوت ملكا من طين، ولم يكن قد بلغ الثامنة عشرة.

ظلّ اسمه حاضرًا في ملكا.

قيل أن الدكتور خالد زار الأردن، وآخرون اشتكوا أنهم لم يحظوا بفرصة رؤيته.

بقي حيًّا في ذاكرة أهل ملكا.

في العام1990، وبعد عودة الحياة البرلمانية إلى الأردن، عاد طبيب القلب الذي يمتلك مستشفىً لأمراض القلب بفرنسا، وكان قد فهم طبيعة المجتمع العشائري، وفهم أن الأردن بعيد عن الحزبية.

استأجر ديوانًا في وسط ملكا، ودعا جميع الملكاوية، وحدثهم عن فرنسا وجلب أولاده معه، واختصر حديثه بالقول:

-أرغب في ترك فرنسا بعد غربة دامت 22 عامًا، وأترشّح للبرلمان الأردني. لن أسعى لجعل الأردن أفضل من أمريكا، إنما سأحاول تهجين التجربة الفرنسية في الانتخابات، وجعل ملكا محرّكًا وطنيًا لتطوير مفهوم الانتخاب.

أذكر أن ملكاوياً حاول إحراجه بسؤال:

- كيف ستوظف أبناء ملكا؟

فأجابه بدفء عام 1990:

- لن أوظف أحدًا غير مؤهل، ولكنني سأحمل خبرات كل ملكاوي في حقيبتي وكل شخص بدائرتي الانتخابية وكل أردني يلجأ لي  وسأطرق كل باب لأجد لكل شخص عملاً يناسبه.
الدكتور خالد كان أصدق من ترشّح للنيابة، ولكننا – وبكل أسف – أفشلناه، لأننا ما زلنا عشائريين أكثر مما يلزم، وليس الحزبية بأفضل.

حمل حقيبته وعاد إلى فرنسا، بعد أن ترك عشرات أجهزة القلب ملصقة على صدور كثير من الملكاوية.

لم يدّخر جهدًا ليكون طبيبًا، ورجلاً يسعى لبثّ خبراته السياسية في مجتمع ريفي عشائري.

نعم، عاد إلى فرنسا، لكنه ظل كثير الزيارة للأردن.

حاول أن ينهض بمشروعه عبر دعم آخرين، لكن سدّ العشائرية والقبلية كان حائلًا.

خالد حمل مشروعًا وطنيًا، لم يستشر أحدًا، حاول بيديه العاريتين تنفيذه، وظلّ يحاول.

لكن هذه هي طبيعتنا العشائرية.

التقيته مجددًا في دبي بعد 14 سنة من مشروعه، وتحدثنا كثيرًا عنه، لكنه لم يكن قد يئس بعد.

خالد ملكاوي — من جلالة الملك حسين إلى أصغر موظف في السفارة الأردنية بفرنسا — وكل أردني عرفه بفرنسا وفي الأردن ترك فيهم أثرًا.

كان طبيب قلب، وإنسانًا، وصاحب مشروع وطني واجهته العشائرية بقسوتها، لكنه لم يستسلم.

مشروع خالد كان امتدادًا لما حمله قبله والده، عمر ملكاوي، رجل لم يعرف في حياته إلا العطاء.

هو طبيب، صاحب مشروع وطني، استفاد من فرنسا التي عاش فيها قرابة 60 عامًا، لكن الأردن لم يكن يومًا بعيدًا عنه.

سعى، وحاول، ولم يترك في نفس من عرفه إلا كل حب وذكرى طيبة.

رحمك الله يا دكتور خالد،
وأعتقد جازمًا: أن لم تؤذِ أحدًا قط بل تركت الحب بقلب من عرفك 






  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :