شهدت الجامعة الهاشمية خلال الفترة الماضية قفزة نوعية لافتة، تجلت ملامحها في ارتقاء تصنيفاتها العالمية، وتطور بيئة البحث العلمي، والدفع نحو تعليم أكثر تطبيقًا وارتباطًا بواقع الحياة ، ولأنها تحمل اسمًا مشتقًا من الهوية الهاشمية النبيلة، ومكلّفة بالتاج المعنوي الذي يُلزمها أن تكون على مستوى الاسم والمقام، فقد سعت لأن تسير على رؤى الهاشميين ، وتستلهم خطاها من فكر القيادة الهاشمية التي ما برحت تؤكد أن التعليم هو جسر المستقبل، وأن الإنسان الأردني هو الثروة التي لا تنضب.

وقد انعكس ذلك جليًا في رؤية الجامعة ورسالتها ، التي تسعى من خلالها إلى إعداد طاقات بشرية مؤهلة ومبدعة تواكب حاجات الوطن وتخدم التنمية المستدامة. وفي هذا السياق، وضعت الجامعة خطة استراتيجية طموحة ترتكز على التميز الأكاديمي، والانفتاح العالمي، وتعزيز مكانتها في التصنيفات الدولية ، أضافة إلى ما توليه الجامعة من أولوية قصوى لمواكبة التحول التكنولوجي وربط العلم بالتطبيق لتعزيز جاهزية طلبتها للمنافسة في ضل سوق متسارع التحول.

ولم تكن هذه التحركات بعيدة عن الرؤية الملكية، بل جاءت متناغمة مع ما دعا إليه جلالة الملك عبدالله الثاني في الورقة النقاشية السابعة، حين أكد أن بناء قدراتنا البشرية هو جوهر النهضة، وأن تطوير التعليم لا بد أن ينطلق من أدوات التفكير، لا التلقين. لقد استوعبت الجامعة هذا النداء، وسعت لأن تكون نموذجًا لما يمكن أن يُبنى حين تتلاقى الإرادة مع البصيرة.

أما على الصعيد الطلابي، فقد سعت الجامعة إلى تعزيز التمثيل والمشاركة، ليس من باب التجميل المؤسسي، بل انطلاقًا من قناعة راسخة بأن الطالب هو أساس المعادلة، لا طرفًا فيها. وقد كانت تجربتي الشخصية كممثل للطلبة في مجلس الجامعة خير شاهد على ذلك، إذ لمست بنفسي كيف يُصغى لصوت الطالب، وكيف يُترجم هذا الصوت إلى قرارات وتعليمات تتابَع وتُنفّذ دون مماطلة.

أذكر جيدًا كيف كانت الاستجابة حقيقية وسريعة، لا سيما حين طُرحت حالة أحد الطلبة الذين يتلقون العلاج، فكان الاهتمام إنسانيًا قبل أن يكون إداريًا، وشعرت لحظتها أن الجامعة لا ترى فينا مجرد أرقام، بل بشراً يحملون آمالًا وتحديات تستحق الإنصات.

وفي لقاءات جمعتني برئاسة الجامعة والمعنيين، طُرحت قضايا طلابية ملحّة، وكان الحضور فاعلًا، والرد سريعًا، والقرار حاضرًا. حتى المشاريع الطلابية والمقترحات، كانت تُؤخذ بعين الجدّ، وتُحال إلى لجان مختصة للدراسة والتنفيذ فقد أولت الجامعة اهتمامًا واضحًا بالطلبة الدوليين ضمن رؤيتها لخلق بيئة أكاديمية جامعة ومتعددة الثقافات فيما يجري العمل باستمرار على تحسين الخدمات المقدّمة لهم، وتأمين احتياجاتهم المعيشية والتعليمية، وتنظيم فعاليات خاصة تسهم في اندماجهم ورفاههم، بما يعكس الوجه الإنساني والدولي للمؤسسة.

ولم تغب الجامعة عن المشهد الوطني أيضًا، إذ كان لها حضور مشرّف في عدد من المبادرات الهادفة، كان من أبرزها مشاركتها في بنك البذور الوطني، بحضور جلالة الملك عبد الله الثاني، في خطوة تعكس التزامها العملي بقضايا الأمن الغذائي والاستدامة البيئية، وتؤكد مكانتها كمؤسسة تعليمية تنسجم مع تطلعات الوطن وتخدم أولوياته.

أما حفل التخرج الأخير، فقد خرج بحلة تليق باسم الجامعة وروحها، وهو ثمرة دعم مستمر وتخطيط دقيق يعكس الاحترام الحقيقي للطلبة ولرحلتهم الأكاديمية ، فلقد أثبتت لنا هذه التجربة أن الجامعة الهاشمية لا تخرّج طلبة فحسب، بل تبني شخصيات قيادية، تفكر، وتبادر، وتدرك أنها جزء من مشروع وطني كبير.

وفي هذا السياق، فقد كان لرئيس الجامعة الأستاذ الدكتور خالد الحياري حضورياً قياديًا وإنسانيًا، يستلهم الرؤية الملكية ويسعى لترجمتها على أرض الواقع فلمس الطلبة منه قيادة حريصة على أن يبقى الطالب في قلب القرار، وعلى أن تكون الجامعة الهاشمية عنوانًا للتقدم والرقي والمسؤولية.
إننا نؤمن أن هذا النهج سيبقى منارة تضيء طريق التميز، وأن الجامعة الهاشمية ستظل كما نراها اليوم: بيئة خصبة للتطوير، ومنصة حقيقية لصناعة قادة المستقبل، في ظل قيادة تؤمن بأن التعليم رسالة، والطالب هو جوهرها وغايَتها.