facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الأردن .. الحارس الهادئ للعروبة


فراس النعسان
03-08-2025 12:00 PM

ثمة بلدانٌ تُشبه الضمير حين يصمت، لكنه لا يغيب.

وتشبه الميزان حين يتمايل كل شيء من حوله، ويظلّ هو ساكنًا كجذع زيتونةٍ في مهبّ العواصف.

ذلك هو الأردن، حين تتبعُ ظلّه في خرائط العروبة، تكتشف أن لا ظلّ له، لأنه دائماً في الضوء.

في زمنٍ باتت فيه العروبة شبهة، والقومية مرادفًا للعزلة، ظلّ الأردن في مكانه القديم الجديد: لا يرفع صوته، لكنه لا ينحني، لا يساوم على القضايا، لكنه لا يزايد، يُحسن الإصغاء، وحين يتكلم، يكون كلامه بيانًا في دفتر الحضور الأخلاقي.

ليست السياسة في عمّان فرقعة إعلامية، بل فنّ الاحتفاظ بالنبرة وسط ضجيج الانهيارات.

وحين تساقطت العواصم واحدةً تلو أخرى في فخّ الفوضى، كان الأردن يُرمّم جداره الداخلي بالطين لا بالحديد، وبالحكمة لا بالبطش، مستعيضاً عن فائض القوة بفائض الحنكة، وعن ثروات الأرض بثروة العقل.

هنا بلدٌ صغير، لكنه يملك قلباً بحجم الذاكرة العربية.

يتقن الوقوف على خطّ الاستواء بين الشرق والغرب، بين الخليج والضفة، بين اللاجئ والبيت.

لم يتخلَّ عن فلسطين لأنها ليست جارته، بل لأنها تسكنه.

ولم يخاصم سوريا حين انقسمت، بل ظلّ بابُه موارباً، لا للخذلان، بل للرجوع.

كل ما في الأردن يوحي بأنه كتفٌ عربية تُسند، لا تَميل.

جيشه لا يقرع الطبول، لكنه في المكان الصحيح دائماً.

ودولته ليست مسرحاً للاستعراض، بل غرفة عمليات للعقل العربي المتأني.

حتى حين ينظر إلى القدس، لا يراها ملفاً تفاوضياً، بل جرحاً هاشمياً لا يندمل، وكأن المدينة العتيقة معلّقة بين رموش عمّان، تحفظها كما يُحفظ سرّ العائلة.

ولعل أجمل ما في هذا البلد أنه حين يُحاصر بالضغوط، لا يُفرّط، بل يُحكم القبضة على القيم.

وحين تُعرض عليه الكراسي المذهبة في صفقات الخيانة، يفضّل الكرسي الخشبي الذي يجلس عليه الفقراء، واللاجئون، ومهمّشو الخريطة.

فمنذ متى كانت البطولة أن تتصدر المشهد؟

البطولة الحقيقية هي أن تبقى في الظلّ، تؤدي دور الحارس، لا الغنيمة.

وفي هذا المشهد العربي المتداعي، يبقى الأردن هو ذلك الحارس الهادئ للعروبة: لا يصرخ، لكنه يوقظ، لا يحتجّ، لكنه يُنقذ، لا يقاتل بالكلام، بل يصمد بالفعل.

ولأنه هادئ… يسمعه من لا يسمع غيره.

ولأنه وفيّ… يثق به من خذلهم الزمن.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :