هل تستطيع حماس الموازنة بين خطاب المقاومة ومتطلبات البقاء؟
م. وائل سامي السماعين
03-08-2025 07:25 PM
منذ انطلاقتها، تبنّت حركة حماس خطاب المقاومة بوصفه هوية سياسية وعقائدية، ورفضت مسارات التسوية والاعتراف بإسرائيل، مُتصدّرة المشهد كقوة رفض ومواجهة. لكن بعد أكثر من سبعة عشر عامًا من السيطرة على قطاع غزة، وجولات متكررة من الحروب، وتعاظم أعباء الحكم والمعيشة اليومية، تطرح المرحلة الراهنة سؤالًا مصيريًا:
هل تستطيع حماس الاستمرار في التمسك بخطاب المقاومة التقليدي، وفي الوقت ذاته، تلبية متطلبات البقاء السياسي والاجتماعي والاقتصادي؟
خطاب المقاومة: رصيد شعبي أم عبء سياسي؟
منح هذا الخطاب حماس شرعية جماهيرية واسعة في أوساط الفلسطينيين، خاصة مع تراجع الثقة في مسارات التسوية العقيمة. لكنه في المقابل:
1. عطل مسار حل الدولتين
2.ادى الى تعظيم قوة اليمين المتطرف في اسرائيل
3.فاقم العزلة الدولية.
4.منح إسرائيل ذريعة لتكرار العدوان.
5.كبّل قطاع غزة تحت حصار مطبق ومتواصل.
6.أدى إلى دمار البنية التحتية، وارتفاع الكلفة الإنسانية على السكان، دون إنجاز استراتيجي واضح.
السيطرة على غزة منذ عام 2007 حوّلت حماس من حركة مقاومة إلى سلطة أمر واقع، مسؤولة عن:
1.إدارة حياة مليوني مواطن.
2.توفير الحد الأدنى من الخدمات العامة.
3.التعامل مع أزمة بطالة خانقة ونقص في الماء والكهرباء والدواء.
4.تمويل حكومة محاصرة تعاني من ضغوط مانحين وشروط إقليمية متغيرة.
وهنا بدأت التناقضات تظهر بوضوح: كيف يمكن لحركة تبني خطاب المواجهة الدائم أن تحكم قطاعًا محاصرًا دون رؤية اقتصادية أو سياسية قابلة للتنفيذ؟ وفي نفس الوقت كانت مناورات حماس السياسية محدودة دون مشروع متكامل حيث: أظهرت حماس في مراحل معينة نوعًا من المرونة:
1.قبول دولة على حدود 1967 دون اعتراف بإسرائيل.
2.الدخول في انتخابات تشريعية.
3.التوصل إلى تفاهمات تهدئة غير معلنة مع إسرائيل بوساطة مصرية وقطرية.
لكن هذه الخطوات بقيت تكتيكية، وليست جزءًا من مشروع سياسي واضح. فحماس لم تُقدّم حتى اليوم صيغة واضحة تجمع بين المقاومة كمنهج، والحكم كواقع، والدولة كهدف.
الحروب المتكررة، آخرها المستمرة منذ أكتوبر 2023، كشفت أن الاستمرار في خطاب المقاومة دون تطوير رؤية سياسية يُثقل كاهل المدنيين، ويُفقد الحركة دعمًا داخليًا وخارجيًا على حد سواء.
الناس في غزة باتوا يطرحون تساؤلات مؤلمة: هل المقاومة تعني الدمار الدائم؟ هل تحرير فلسطين يبدأ من تحت الأنقاض؟ أين المشروع؟ وأين الأفق؟
فبين المقاومة والبقاء.. أين تذهب حماس؟
إن حركة حماس اليوم أمام لحظة مفصلية:
إما أن تعيد تشكيل خطابها ضمن إطار وطني شامل ، يؤسس لشراكة فلسطينية حقيقية تستند إلى برنامج وطني موحّد.
أو أن تبقى في دائرة الدوران بين "المواجهة" و"المأزق"، دون مشروع فعلي قادر على تحرير الأرض أو صون الإنسان.
المقاومة لا تعني الانتحار السياسي، والبقاء لا يعني الاستسلام.
لكن من يحمل راية التحرير مطالب اليوم بتقديم رؤية تحرّر الإنسان كما تحرّر الأرض