facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




المجاعة في غزة: جوعٌ يفتك بالأطفال وصمتٌ يقتل الأمل


عبدالله ابوعلي
03-08-2025 10:55 PM

هناك، حيث الرمال تحتضن البحر، وحيث النخيل يحدّث الريح عن المجد القديم، تقف غزّةُ، مدينةٌ معلّقةٌ بين السّماءِ والأرض، تتنفس الألم، وتقتاتُ على الوجع. هناك، حيث يموت الصباح خجلًا، ويسقط الليل مثقلًا بالأنين، تعيشُ المجاعةُ لا كضيفٍ عابرٍ، بل كسيّدٍ متربّعٍ على عرش الخراب.

أيُّ حروفٍ تستطيع أن تفي غزّةَ حقّها من الرثاء؟ وهل تكفي اللغةُ ـ ولو أوتيت سحر البلاغة ـ لتصف بطونًا خاويةً، وأمًّا تحضن طفلًا جائعًا، تُخفي بدمعتها حسرتها؟!.

في غزّة، لا يُطرق بابٌ لطعام، ولا يُشعلُ فرنٌ لرغيف، ولا يُدلّى سطلٌ في بئر. هناك، الجوع ليس مجازًا أدبيًّا، بل حقيقةٌ تنهشُ الجسد، وتفتكُ بالعظام، حتى صار الصغيرُ يشيخُ من شدّة الضعف، والكبيرُ يَسقطُ صامتًا من ثقل السُّهاد.

أيُّ مجازرَ تُرتكبُ إذا ما مُنعتُ الشعوبُ من الزادِ والماء؟! أليس من أبشع ما جادت به همجيّة البشر أن يُحاصَرَ الرضيعُ، ويُبتلى في رزقه، وتُجرّد أسرّته من الحليب؟!
في غزّة، لا حديثَ عن طعامٍ متنوّع، ولا أمنيةَ لطفلٍ إلا كسرةَ خبزٍ وجرعةَ ماءٍ باردة. هناك، تسقط الأحلامُ من قوائم الطفولة، وتُغتال براءةُ العيون في صمتِ الجوع، حين يتحدّث البطن ولا يُجابه.

يا ربّ، ما الذي أبقى لهم من الحياة؟! وما الذي يدفعُهم ليواصلوا الصمود في عالمٍ أعماه صراخُ الذهبِ وأطغاهُ جنونُ السلاح؟! أوليس من العار أن تَغرق الأرضُ بالقمحِ، وتفيضُ الأسواقُ بالخيرات، بينما هناك، في زاويةٍ ضيقةٍ من التاريخ، يُقاسُ الشرفُ بقدرةِ الإنسان على تحمّل الجوع؟!.

غزّة ليست مجرّد مدينةٍ تئنّ، بل ضميرُ عالمٍ يتعفّن. إنها المرآة التي تعكسُ قبحَ الصمت، وبشاعةَ التواطؤ، وانهيارَ ما تبقّى من الإنسانيّة.

أيّها العالم... إن كان لك قلبٌ فلا تنظر إلى غزة بعينيك، بل أنصت لها بأحشائك. اسمع بكاء الجياع، وأنينَ الأمهات، وزفراتِ الأرواح التي تشتهي لقمةَ خبزٍ لا أكثر.

غزّة، مدينةُ المجاعة والصّبر مدينةٌ حُوصرت حتى من الهواء ولكنها ما زالت تقاتلُ بالسّلاح و بل جوعٍ وبكرامةٍ لا تموت.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :