facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الإسرائيلية المتوحشة: قاطع طريق سياسي وعسكري!


د. صالح ارشيدات
04-08-2025 08:27 PM

لم تعد الممارسات الإسرائيلية مجرد انتهاكات لحقوق الإنسان أو تجاوزات مؤقتة في إطار صراع طويل، بل تحوّلت الحركة الإسرائيلية، من خلال تحالفها وتزاوج مصالحها الأيدولوجية والسياسية والمالية مع الولايات المتحدة، المدعوم باعلام عالميًً موجه وواقع عربي هش، ومن خلال أدواتها العسكرية والسياسية والدبلوماسية، إلى كيانٍ يُمارس دور “قاطع طريق” على المستويين الدولي والإقليمي، فارضًا هيمنته بالسلاح حينًا، وبالابتزاز السياسي حينًا آخر، وبالدعم الغربي المتواطئ في معظم الأحيان.

منذ تأسيس الأمم المتحدة، سعت القوى الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة، إلى ضمان التفوق الإسرائيلي داخل النظام الدولي. وعلى الرغم من صدور عشرات القرارات الأممية الداعية إلى إنهاء الاحتلال، ووقف الاستيطان، وضمان حقوق الفلسطينيين، لم يُنفّذ أيٌّ منها. والسبب؟ شبكة دعم إسرائيلية فاعلة تستثمر في النفوذ، وتحمي الكيان من المساءلة، وتحول دون تنفيذ القانون الدولي.

الولايات المتحدة استخدمت حق النقض (الفيتو) أكثر من 45 مرة لحماية إسرائيل من الإدانة أو العقوبات. أما أوروبا، ورغم خطابها الحقوقي، فقد اكتفت في الغالب ببيانات قلق لا تُقدّم ولا تؤخر، بينما تستمر علاقاتها التجارية والعسكرية مع تل أبيب دون انقطاع.

لقد أصبح واضحًا أن الكيان الإسرائيلي يتصرف كسلطة فوق القانون، يحصّن نفسه بشرعية زائفة، ويمنع أي تحرك دولي جاد لردعه، ما يجعل النظام العالمي شريكًا ضمنيًا في الجريمة.

لم يعد الأمر يقتصر على تجاوز القانون، بل تطور إلى ابتزاز مباشر لكل مؤسسة دولية تحاول فتح ملف الجرائم الإسرائيلية. حين نشرت منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش تقاريرها المصنّفة لإسرائيل كـ”نظام فصل عنصري”، شنّت تل أبيب وحلفاؤها حملة شرسة لتشويه سمعتها، بل هددت بسحب التمويل عن منظمات الأمم المتحدة، ووصفت كل نقد بأنه “معاداة للسامية”.

حتى المحكمة الجنائية الدولية، حين شرعت في تحقيقات أولية بخصوص جرائم الحرب في غزة والضفة، واجهت تهديدات علنية من واشنطن وتل أبيب على حد سواء. إن هذه الأساليب ليست سلوك دول مسؤولة، بل تُشبه تمامًا ممارسات قُطّاع الطرق: الترهيب مقابل الصمت.

منذ أكثر من خمسة عقود، يعيش الفلسطيني في الضفة الغربية والقدس تحت نظام حكم عسكري مباشر، يُذكّر بمراحل الاستعمار البدائي. الاعتقال الإداري بلا تهم، مصادرة الأراضي، هدم البيوت، الحواجز العسكرية، وقوانين تمييزية لا تنطبق إلا على السكان الفلسطينيين، بينما المستوطنون يتمتعون بقوانين مدنية كاملة.

إن منظومة القمع هذه ليست عشوائية، بل هي جزء من عقيدة أمنية إسرائيلية تقوم على التحكم الشامل بالمكان والسكان. وتجسّد غزة هذا المنهج بأبشع صوره؛ فالقطاع محاصر منذ عام 2006، وشهد أكثر من خمس حروب مدمرة، كانت كل واحدة منها بمثابة عقوبة جماعية، استهدفت الإنسان والبنية التحتية على السواء.

في كل مرة، يُقدَّم المشهد على أنه “حق إسرائيل في الدفاع عن النفس”، بينما تُدفن حقيقة أن المعتدي هو من يحتل، ويقصف، ويجوع، ويمنع الدواء والماء والكهرباء عن شعب بأكمله.

في السنوات الأخيرة، بدلًا من محاسبة إسرائيل على جرائمها، شهد العالم موجة تطبيع سياسي واقتصادي غير مسبوقة. أبرمت اتفاقيات تعاون وتبادل أمني وتكنولوجي مع دول عربية وغربية، وكأنها دولة عادية لا تحتل أرضًا ولا تذبح شعبًا.

هذا التطبيع يبعث برسالة واضحة: الجريمة تؤتي ثمارها، والمجرم القوي لا يُحاسب، بل يُكافأ.

لقد أصبحت إسرائيل “قاطع طريق دبلوماسي”، تستفيد من الضعف العربي والانقسام الدولي، وتفرض شروطها على الجميع من موقع القوة، لا من موقع الشرعية.

قاطع طريق بربطة عنق !

في المفهوم التقليدي، قاطع الطريق هو ذلك الخارج عن القانون الذي يعتاش على النهب والسطو والإكراه. أما في النموذج الإسرائيلي، فإن هذه الظاهرة اتخذت طابعًا معاصرًا: دولة ترتدي بدلة رسمية، تحضر المؤتمرات الدولية، وتستعرض روايتها وديمقراطيتها الزائفة، بينما تمارس أبشع الانتهاكات ضد شعب أعزل.

تمكنت الحركة الإسرائيلية، بفضل نفوذها المتنامي، ووجود قاعدة شعبية من الإنجيليين البروتستانت في الولايات المتحدة والعالم الغربي تعتبر دعم إسرائيل واجب ديني ،من التغلغل في الإعلام، والجامعات، ومراكز صنع القرار الغربي، إلى حدّ باتت فيه أي محاولة لنقد إسرائيل تُقابل بالتخوين أو الطرد أو الابتزاز.

إن هذا الواقع لا يختلف كثيرًا عن منطق العصابات، لكن على مستوى دولي مؤسسي، تُدار فيه أدوات الضغط بعناية، وتُمارس فيه الجريمة تحت غطاء القانون، وبتواطؤ من عالم يدّعي حماية حقوق الإنسان.

تحوّلت إسرائيل، بدعم القوى الإسرائيلية، إلى كيان يفرض هيمنته على العالم من خلال تكتيكات أقرب إلى سلوك قُطّاع الطرق الدوليين. تمسك بخناق النظام الدولي، تشلّ إرادته، وتواصل جرائمها ضد الفلسطينيين تحت غطاء قانوني شكلي.

ما لم يستفق المجتمع الدولي، ويكفّ عن النفاق الأخلاقي، فإن العالم سيفقد ما تبقى من مصداقيته، وستتحول الشرعية الدولية إلى أداة تُستخدم لخدمة الأقوياء على حساب العدالة وحقوق الشعوب.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :