facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الهوية الوطنية الأردنية بين التحديات والنهضة


د. بركات النمر العبادي
05-08-2025 11:27 AM

* مشروع مؤسسي لبناء الدولة وتعزيز السيادة

في ظل التحولات المتسارعة التي تعصف بالمشهدين الإقليمي والدولي، تفرض المرحلة الراهنة على الدولة الأردنية ضرورة ملحة لإعادة بلورة الوعي الوطني ، على أسس فكرية مؤسسية متجذرة ومستدامة ، تصون الهوية وتحفظها من محاولات التمييع والتفكيك والتصفية ، فالهوية الوطنية الأردنية ليست مجرد حالة شعورية آنية، بل هي تعبير عن انتماء متجذر، ومشروع سيادي متكامل ، يؤسس لنهضة وطنية ، تتكئ على الإرث الحضاري، وتتجه بثقة نحو المستقبل.

لقد آن الأوان لإطلاق تيار فكري وطني مؤسسي ، يعكس تطلعات الأردنيين، ويجسّد طموحات الشباب الذين باتوا يعيشون حالة من التذبذب بين الرغبة في الانفتاح العالمي وتبني الحداثة ، وبين التمسك بالثوابت الوطنية والقيم العربية الإسلامية الأصيلة ، وقد كشفت دراسة صادرة عن جامعة آل البيت (2024) أن ما نسبته 38% من الشباب الأردني يعبّرون عن تراجع في شعورهم بالانتماء الثقافي مقارنة بالأجيال السابقة، مما يستدعي وقفة تأمل وتدخلاً استراتيجياً عاجلاً.

إن الحاجة إلى استراتيجية وطنية للثقافة والإعلام باتت ضرورة وجودية ، لا ترفاً فكريا ، فهذه الاستراتيجية ينبغي أن تُعيد إنتاج الخطاب الوطني بروح معاصرة ، تُحاكي الواقع دون أن تتخلى عن الجذور، وتُرسّخ قيم الانتماء من خلال برامج تعليمية وإعلامية تعزز التفكير النقدي، والانفتاح الواعي على العالم ، وتعيد الاعتبار للتراث الأردني كرافعة حضارية تُقدَّم في أطر حديثة وقابلة للتنافس.

ولأن التحدي الحضاري الذي يواجهه الأردن اليوم هو انعكاس طبيعي لمفاعيل العولمة ، فإن الرهان يجب أن يكون على حسن إدارة هذا الصراع الثقافي والرمزي ، لا مقاومته بالإنكار أو الانغلاق ، فالهوية الوطنية القوية ليست تلك التي ترفض الآخر، بل التي تمتلك من المناعة والوعي ما يُمكّنها من الانفتاح دون الذوبان ، والتفاعل دون التفريط.

إن مواجهة المشاريع الهادفة إلى تقويض الهوية الوطنية لا تكون بردود فعل آنية أو شعارات عابرة ، بل بمأسسة الفكر السياسي الوطني ، وصياغة خطاب جامع يُعيد الثقة بين الدولة والمجتمع ، فالوطنية ليست مجرد شعور وجداني ، بل مسؤولية دائمة في حماية الدولة، وصيانة مؤسساتها، وتعزيز وحدتها الداخلية في وجه محاولات الاختراق والتفكيك.

والمشروع الوطني الأردني ، الذي يستند إلى موروث تاريخي عريق، يواجه اليوم تحديات ديمغرافية وثقافية متداخلة، تتطلب استعادة الوعي التأسيسي الذي بزغ من رحم المدن والقرى الأردنية، لا سيما من رمزية "أم قيس" ، التي احتضنت أولى خطوات التأسيس السياسي للدولة ، هذا الوعي يجب أن يُستعاد لا باعتباره نوستالجيا* الماضي، بل بوصفه نواة صلبة لبناء الحاضر والمستقبل، ضمن مشروع سيادي لا يقبل المساومة أو الاجتزاء.

ومن هنا، تتجلى ضرورة العمل على ترميم العقد الاجتماعي، وتفعيل أدوات الإصلاح من داخل الدولة لا من خارجها ، عبر مراجعة شاملة تعزز المواطنة ، وتُعمق الثقة بالمؤسسات ، وتحفظ كرامة المواطن ، ذلك أن صيانة الدولة لا تُبنى على جلد الذات ، بل على إعادة تعريف العلاقة بين الفرد والدولة ، بما يعزز الانتماء ويُحصّن المجتمع من الاختراقات الفكرية والمصالح العابرة للحدود.

وفي هذا السياق ، لا بد من التأكيد على الدور المحوري الذي تؤديه مؤسسات الدولة السيادية ، وفي مقدمتها القوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي، والأجهزة الأمنية ، والعرش الهاشمي، كركائز لا غنى عنها للاستقرار والشرعية والوحدة الوطنية ، فهذه المؤسسات ليست محلاً للتشكيك ، بل تمثل الضمانة الحقيقية لاستمرار الدولة وبقاء كيانها السياسي صلبًا ومتماسكًا في مواجهة التحديات المتعددة الأوجه.

وفي الختامً ، إن الهوية الوطنية الأردنية هي مشروع يمتلك مقومات الحيّاة ، و متجدد، يتطلب وعياً سياسياً ناضجاً ، وفكراً مؤسسياً متماسكاً ، وإرادة شعبية مخلصة : فلا نهضة بدون هوية ، ولا سيادة بدون انتماء ، ولا بناء لمستقبل آمن دون صيانة الجبهة الداخلية ، وسيبقى الأردن ، كما عهدناه ، وطن العزة والمنعة ، متجذرًا في تاريخه ، متطلعًا لمستقبله ، ثابتًا على قيمه ، وعصيًا على الانكسار.

حمى الله الاردن و سدد على طريق الحق خطى قيادته وشعبه .

المصادر
- عمون الاخباري/ كتاب عمون / 6/7/2025
- جامعة ال البيت/ 2024
- ادبيات حزب المحافظين تحت التاسيس





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :