قراءة في التحديات الإقليمية والواقع الجيوسياسي للدولة الاردنية
د. عواد السويلميين
05-08-2025 02:06 PM
يحد السياق الإقليمي من قدرات الأردن على تحقيق الإنجازات التنموية بشكل مستدام، فالصراعات التي شهدتها المنطقة العربية على مدى السنوات السابقة أعاقت تدفق الاستثمارات الأجنبية، وأدت إلى تعطيل السياحة والتدفقات التجارية بالإضافة إلى أنها تستفيد من الموارد المحلية التي يتم تحويلها للتعامل مع التداعيات الأمنية لهذه الصراعات، وكمستورد رئيس للطاقة والغذاء.
تعد السلامة الإقليمية والاستقلال السياسي عنصران أساسيان لقيام الدولة الحديثة، حيث تشير السلامة الإقليمية إلى "وحدة" أو "تكامل" الدولة على المستوى الإقليمي، وباعتبارها قاعدة من قواعد القانون الدولي، كونها تحمي الإطار الإقليمي للدولة المستقلة وتُعد أساسًا أساسيًا لسيادة الدول، وتمتد بشكل أساسي فوق الإقليم البري، والبحر الإقليمي التابع له، وقاع البحر وباطنه، أما الاستقلال السياسي فيشير إلى استقلالية الدولة في شؤون مؤسساتها، وحرية اتخاذ القرارات السياسية، وصنع السياسات، وفي الأمور المتعلقة بشؤونها الداخلية والخارجية، وبالتالي، يرتبط مفهوما السلامة الإقليمية والاستقلال السياسي كأساس للدولة ذات السيادة، وهما يوفران الأساس للتأكيد الخارجي من جانب المجتمع الدولي على سيادة الدولة وشرعية احتلال واستخدام أراضيها دون أي تدخل أو تهديد خارجي، وحق الدولة في اتخاذ القرارات التي تؤثر على أراضيها.
يُشكل الواقع الجيوسياسي للدولة محدد رئيسي للقرارات والسياسات الحكومية منذ استقلالها، حيث أدركت القيادة الهاشمية الأردنية حفظها الله قيمة ومعضلة جيوسياستها الإقليمية، وامتلكت المهارة على الموازنة بين المتطلبات الوطنية والتحديات الإقليمية، وإذا ما اعتبرنا أن الواقع الجيوسياسي للأردن أحد عناصر الاستقرار في المنطقة العربية الأكثر توتراً وأشد صراعاً على مستوى العالم على الرغم من المساحة الصغيرة نسبياً، وقلة الموارد، والكثافة السكانية، إلا أن النظام السياسي الأردني استطاع الجمع بين متغيرين يصعب جمعهما (التحديات الإقليمية / الواقع الجيوسياسي)، من خلال وسطية مواقفه السياسية، وعلاقته مع القوى الدولية وتكييف قراراته مع محددات الاستقرار الإقليمي، لذا مثلت الدولة الأردنية نموذجاً في المنطقة بالاستجابة للتغيرات والتحولات الداخلية أو الخارجية، سواء بالمرونة في قبول التغيير أو في القدرة على المراجعة والتقييم لتصويب المسار في المؤسسات والخطط الوطنية كلما دعت الحاجة، ومثال ذلك سلوك الدولة الأردنية في فترة الربيع العربي، وفي استعداد النظام السياسي لأن يكون مبادراً على الدوام للإصلاح والتحديث السياسي.
ويشكل الأردن إنموذجاً للدولة الاقليمية الصغيرة التي توجد في بيئة محيطة تتسم بقدر كبير من عدم الاستقرار، حيث أن النظام العربي الاقليمي يتسم بدرجة كبيرة من الديناميكية في العلاقات المتداخلة بين اعضائه، وفي السياسات التي تتبعها كل دولة مع الدول الاخرى، وبوجود الكثير من الازمات والتحديات التي تواجهها والتي يهدد بعضها أمن واستقرار هذه الدول، وبما أن للأردن علاقاته مع دول الاقليم علاقة تفاعلية تبادلية، فأنه من الطبيعي أن يكون للمتغيرات التي تحدث فيه اثر كبير على أمنه الوطني وسياساته الخارجية، إن ما يسبب القلق والخوف لدى الأردنيين هو قيام دولة الكيان الاسرائيلي بإثارة الاشاعات والافكار التي تنادي بأبعاد الفلسطينيين وتفريغ أرضهم من سكانها وقطع صلاتهم بها، لتحقيق ما يسمى بيهودية الدولة.
لعب الملك عبد الله الثاني بن الحسين حفظه الله ورعاه لحماية الاستقلال الوطني الأردني دوراً هاماً في العمل على تدعيم الاستقلال السياسي للمملكة الأردنية الهاشمية، بالرغم من أنه لا يمكن أن يكون هنالك استقلال حقيقي، خاصة في ظل الظروف التي تواجه الدولة الأردنية من شح الموارد والإمكانيات، فكان لابد من أجل التكامل والتعاون بعيداً عن كل الضغوطات السياسية، وتعزيز مسيرة التنمية الشاملة في الأردن، لذا ارتبط استقلال الدولة الأردنية وبناء الدولة وترسيخ قيمها ومبادئها العربية والقومية والقيم الوطنية الأردنية التي ارتبطت ارتباطاً تكاملي بالقيادة الهاشمية الأردنية وما تمتلكه من حنكة سياسية ورؤية استراتيجية قادة الدولة لحماية مصالحها الوطنية على الرغم من كل التحديات الخارجية، فالدولة الأردنية والقيادة الهاشمية التي سخرها الله لخدمة الأمة العربية وقضاياه ولو كان ذلك على حساب الدولة الأردنية، لذا على كل العرب والمسلمين أن يدينوا بالولاء إلى العائلة الهاشمية والدولة الأردنية وقيمها ومبادئها التي انطلقت من مبادىء الثورة العربية الكبرى وأرث الهاشميين وعادتهم الأصلية التي تقوم على الوفاء والصدق وحفظ العهد واغاثة الملهوف ودعم الشعوب العربية في الازمات وخصوصاً الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع حيث كانت القضية الفلسطينية في قمة أولويات جلالته.
حفظ الله الأردن وقيادته..