الادارة المنتجة لا تأتي صدفة
محمد بلقر
05-08-2025 03:23 PM
في عالم سريع التغيير، لم يعد مقبولا أن تبقى الادارات أسيرة الروتين والتكرار، تمضي وقتها في أداء مهام نمطيه دون أن تترك أثرا ملموسا في الواقع المؤسسي.
فالادارة المنتجة تبدأ من وضوح الرؤية، ذلك أن غياب الرؤية يحول العمل الى حركة عبثية، أما حيث تتجلى الغايات، وترسم الاهداف بعناية، يصبح لكل جهد معنى، ولكل خطوة إتجاه، حينها، يتحول الموظفون من منفذين تقليديين الى مساهميين فاعلين في تحقيق تطلعات المؤسسة، ويأتي بعد ذلك العنصر البشري الذي يشكل جوهر العمل الاداري، فلا إنتاج بلا إنسان مؤهل ومحفز، والادارات التي تدرك هذه الحقيقة تولي موظفيها إهتماما بالغا، فتعمل على تمكينهم، وتوفير البيئة التي تحتضن قدراتهم، وتمنحهم الثقة والمسؤولية، وتشجعهم على الابداع والمبادرة.
لكن هذا لا يكفي ما لم يقرن يثقافة حقيقية للمساءلة والانضباط، فالمؤسسة التي لا تحاسب المقصر، ولا تكرم المجتهد، سرعان ما تسقط في فخ الفوضى، لذلك لا بد من تأسيس مناخ إداري يستند الى العدالة والشفافية بحيث يعلم كل شخص أن الاداء هو المعيار، وأن النجاح لا يوهب بل يستحق.
وفي ظل التطور التكنولوجي الهائل، أصبحت الرقمنه ضرورة لا غنى عنها . لم تعد الادارة الحديثة تحتمل البطء والتعقيد، بل أصبحت السرعة والدقة من أهم سماتها، لذلك فإن تبني التحول الرقمي وأتمتة الاجراءات يعد من أهم الخطوات نحو تحقيق إنتاجية أعلى وجودة أفضل.
ولعل ما سبق يرتكز اساسا على وجود قيادات ادارية واعية، تملك الرؤية وتتسلح بالشجاعة، وتؤمن بقدراتها على التغيير، فالادارة المنتجة لا تقوم بقرارات مرتجلة، بل تنطلق من فهم عميق، وادارة حقيقية للتطوير، ومتابعة دقيقة للتنفيذ، وتقييم مستمر للاداء.
وهكذا فالادارة المنتجة لا تولد بالصدفة، ولا تنمو في بيئة خاملة، بل تبنى على أسس متينة من الرؤية الواضحة، والتمكين الفاعل، والانضباط العادل، والابتكار المستمر، وإدارة واعية، وما إن تكتمل هذه العناصر حتى تتحول الادارات الى ركائز استقرار وتقدم.
الرأي