ملتقى النخبة يناقش: هل يثمر الاختلاف لأجل الوطن أم يهدمه؟05-08-2025 10:43 PM
عمون - ضمن حوارات "ملتقى النخبة - Elite" ليوم الثلاثاء، جاء لقاء الليلة تحت عنوان: "هل الاختلاف لأجل الوطن.. محمودٌ يثمر، أم مذمومٌ يهدم؟!"، حيث ناقش نخبة من المفكرين والسياسيين طبيعة الاختلاف في الفضاء الوطني، وحدود تحوّله من ظاهرة صحية تدفع نحو الإصلاح والبناء، إلى أداة صراع تقوّض الثوابت وتشتت الجهود. وفي ظل ما يشهده العمل السياسي والفكري من تباينات، أجمعت المداخلات على أن الاختلاف سنة بشرية ومظهر من مظاهر الحيوية المجتمعية، شرط أن يبقى في إطاره البنّاء، بعيدًا عن الشخصنة والمصالح الضيقة، وأن يُدار بعقل وطني يضع المصلحة العامة فوق كل اعتبار.
ففي فضاء العمل السياسي والفكري، يبقى الاختلاف سمة بشرية لا يمكن إنكارها. فالأوطان لا تنهض برأي واحد، ولا تستقيم إن غاب عنها التنوع. لكن الخطورة تكمن حين يتحول هذا الاختلاف إلى معارك شخصية وصراعات عبثية، يغيب عنها الهدف الأسمى وهو مصلحة الوطن، فنرى البعض يتخذ من الولاءات للأفكار الخارجية سلّمًا لفرض أجندات تتعارض مع ثوابت البلد، فيما الأصل أن يكون ولاؤه لوطنه أولًا وأخيرًا. إن المعارضة الحقيقية ليست في رفع الصوت، ولا في إفشال الآخر، بل في النقد البنّاء، والسعي نحو التقويم والإصلاح، ومدّ اليد عند ثبوت صدق النوايا. لأن المعيار الأهم ليس من يغلب، بل من يخدم. وإذا ما ارتقى اختلافنا إلى هذا المستوى، تحوّل إلى طاقة بناء. أما إذا انحدر نحو الكيدية والإقصاء، فسيصبح أداة هدم. وهنا تكمن الفاصلة بين الاختلاف المحمود والاختلاف المذموم.
*نقيب المهندسين الأسبق، المهندس عبدالله عبيدات، كانت وجهة نظره كما يلي: اختلاف البشر في مناحي الحياة فطرة بشرية جُبلت عليها الأمم، وهي من مظاهر أن الإنسان مخيّر لا مسيّر. أعتقد أن من أهم ضوابط المعارضة الإيجابية:
في الجانب المقابل، على السلطة والحكم أن يتعامل مع المعارضة ضمن الرؤى التالية:
ختامًا، لا بد من حسن النوايا بين المعارضة والحكومة، وتغليب المصالح العليا للوطن، بخطاب عقلاني مبني على الحقائق، يبتعد عن التشهير والتخوين.
*العميد المتقاعد باسم الحموري.. اوضح وجهة نظره بالآتي.. الاختلاف في وجهات النظر ظاهرة صحية محمودة من أجل الوطن ومقوماته وإنجازاته، ولولا الاختلاف لن نصل الى ما هو أفضل، لكن للأسف في كثير من الأحيان، يُنظر إلى النقد أو معارضة الآخر على أنه هجوم شخصي يستهدف صاحب الفكرة بدلًا من التركيز على مضمونها، وهذا التصور يعيق الحوار السياسي البنّاء ويقتل الأفكار النيّرة والتي ربما تصب في المصلحة العامة. لكن للأسف من هذا المنظور المعارضة لدينا بعيدة كل البُعد عن الديمقراطية وقبول الرأي والرأي الآخر، ومن بديهيات المعارضة يجب عليها أن تسلط الضوء على الإنجازات الإيجابية التي تحققها الحكومة، حتى لو كانت محدودة، وذلك من أجل الحفاظ على استقرار الدولة ومكانتها السياسة والاقتصادية والاجتماعية، كما يجب على المعارضة تجنب المبالغة في انتقاد الحكومة بشكل دائم وأن الحكومة دائماً مخطئة في قراراتها، وذلك من أجل المحافظة على هيبة الدولة في الداخل والخارج. كما يجب على المعارضة الاعتراف بالإيجابيات أي لا يعقل أن تكون هناك حكومة جميع قراراتها خاطئة ولا تصب في مصلحة الوطن والمواطن، وعلى المعرضة معالجة السلبيات من أجل تعزيز ثقة المواطنين في العملية السياسية، ويظهر أن المعارضة قادرة على تقييم الأمور بشكل موضوعي. ومن هذا المنظور للأسف لا يوجد لدينا معارضة حقيقية، فقط يوجد لدينا معارضة من أجل المعارضة وعلى مبدأ إن لم تكن معي فأنت ضدي، وعلى سبيل المثال أن ما يعتبرون أنفسهم بالمعارضة لم يصوتوا لصالح أي قرار اتخذته الحكومة منذ عام 1989 ولغاية الآن ولم يمنحوا الثقة إلا مرة واحدة عندما كانوا وزراء في الحكومة.
في أي مشهد سياسي ناضج لا بد أن توجد معارضة لكن ليس أي معارضة. المعارضة الحقيقية تمارس حين يُضاء على خطأ، ويُفكَّك أثره على الصالح العام، ويُطرح البديل. وفي المقابل الموالاة المطلقة لا تصنع استقرارًا… بل تصنع طوابير من التكرار العقيم… وتحيل الناس إلى صدى، لا رأي. الدولة التي لا تسمع إلا لمن يُصفق… تُقصي العقول الحبة ، وتُحيط نفسها بمن يجمل الواقع حتى وإن كان مشوها . وهنا يظهر دور الحوكمة. فالمؤسسات التي تَسَع النقد، وتُدرج الاعتراض ضمن أدوات التقويم، تحوّل الخلاف إلى قوة. لكن حين يغيب الإطار القانوني والشفافية عن إدارة الخلاف، تتضخم الشخصنة، وتتآكل الثقة، وتضيع النوايا الحسنة.
المعادلة واضحة:
كلما تبنيت رأيًا، سألت نفسي: هل هو الصواب الوحيد، أم أن هناك وجهًا آخر للحق؟ وما زلت أؤمن أن ما أراه صوابٌ يحتمل الخطأ، وما يراه غيري خطأٌ يحتمل الصواب. هذه القاعدة الربانية تسري على كل مسألة إلا ما جاء فيه نصٌ صريحٌ لا يحتمل التأويل. فمن رأى جواز الانتخابات أو الجمع في الصلاة أو الاحتفال بيوم الأم، فله أدلته، ومن لم يرَ، فله أدلته. وهذه مسائل اجتهادية لا يجوز أن تُختزل في ثنائية الإيمان والكفر أو الطاعة والمعصية. ولا يصح أن نُحاكم نوايا الناس من ظاهر آرائهم؛ فالبارُّ معروف، والعاقُّ معروف، ولا تغني كثرة اللغو. كذلك، من تبنّى اليوم ما كان يحرّمه بالأمس، لا يُلام ما دام اجتهاده مبنيًّا على تغير المعطيات. فالأحكام تتقيد بظروف الزمان والمكان، والاختلاف متسعٌ ما دام الشرع يتسع له. أما ما يُرفض تمامًا، فهو أن تُفرض علينا قناعات متغيرة لأشخاص يظنون أن ما يؤمنون به اليوم هو الحق المطلق، وما سواه باطل. ولو شاء الله لجعل الأمور المختلف فيها قطعية النص والدلالة. ولكن ما دام الصحابة اختلفوا، فالخلاف باقٍ، متى اتسع له النص، واحتمله العقل والدين.
ونحن نعيش في وطن حباه الله للإنسان وجعله خليفتة على أرضه وكل انسان له وطنه الخاص الذي يمثل هويته ووجوده وكرامته الا أن نجاح استخلافه لا يمكن أن يتحقق إلا من انسان يتسم بالوعي الروحي والفكر الثاقب الذي يسخره لمصلحة وطنه ورفعته، فجميعنا متساوون في الحقوق والواجبات لنا الحرية في العيش بدون اي مؤثرات .. وقد جاء ديننا الاسلامي ووضع لنا منهج حياة ثابتا على مدى العصور وتغير الزمان والسنوات ولكن هناك فروق واختلافات في افكار ووعي جميع هذه الفئات ويبنى عليها قوة الوطن وتقدمه بمختلف المستويات مهما اختلفت الآراء والإقتراحات فالكلمة والنية والسلوك لها أكبر تأثير في تغيير موقف الإنسان أو توجه مجتمع كامل، فواجب علينا جميعا ان نتفق لهدف واحد لمصلحة وطننا وسلامته بدون تأثير افكار آخرين لا يهمهم الا مصلحتهم الذاتية وهدفهم الهوان والذل لوطننا بنشر الصراعات والخلافات في الرأي على مبدأ فرق تسد وهذا هو قانون المبغضين والفاسدين في البلاد في غسل عقول الإتباع بافكار مشتتات تنتهي بالوطن إلى خلق صراعات ومن ثم الضياع والهزيمة، والمعظم يتخذ من أفكار الآخرين سلما للوصول إلى هدفه المنشود بعيدا عن المصلحة الوطنية علما بأنه ابن هذا الوطن الذي عاش وترعرع على أرضه وتربى على خيراته، لكن ينطبق عليه قول الشاعر ان اكرمت الكريم ملكته وان اكرمت اللئيم تمردا.. هكذا أصحاب الأفكار المذمومة والتي لا يحمد عليها بأفعاله وارائه التي تسيء للوطن "ومن يشرب من بير ما برمي فيه حجر" فحب الوطن وصدق الانتماء إليه يظهر بالعمل لمصلحته بالنقاش والحوار للوصول إلى اتفاق لرأي سديد محمود وليس لعمل مذموم ضد مصلحة وطنيه تهدف لمسح الوطن عن الوجود ونحن اليوم في أمس الحاجة إلى تظافر الجهود واتفاق الآراء لمصلحة وطن وحمايته من أفكار العابثين والحاقدين من مختلف الوجود.. داعين الله أن يحفظ وطننا من كيد الكائدين وخبث الفاسدين وان يحفظ مليكنا عبد الله الثاني وولي عهده الأمين سمو الأمير حسين وينير عقول ابنائنا بعيدا عن مصالح الخائنين وافكار الفاسدين لمصلحة الوطن ورفعته بأفكار تسعى لبناءه وليس لتدميره ان شاء الله، فبالعقول النيرة وحسن التفكير نبني أوطاننا ونرتقي فيها إلى ما نريد وليكون قانون الوطن كما قال الله تعالى:" وأمرهم شورى بينهم" .صدق الله العظيم.
*المهندس خالد خليفات.. أوجز رأيه تحت عنوان "قمة الوعي أن نختلف لأجل الوطن ولا نختلف عليه".. الاختلاف لأجل الوطن ظاهرة صحية، بشرط عدم الوصول إلى مرحلة الخلاف الذي يمزق النسيج الاجتماعي، ويضعف الجبهة الداخلية، ويسمح بالاختراقات من جهات معادية. فالاختلاف يُثري الأفكار، ويُنوع الطروحات، ويوسع المدارك، وبالتالي يفضي إلى الوصول للحلول المثلى التي تزيد من ازدهار الأوطان وتقدمها وانتعاشها واستقرارها. المؤسف حقًا أن البعض يخلط بين الاختلاف المستند إلى معارضة "راشدة" للنهج بقصد التصحيح والإشارة إلى مواطن الخلل وتصويب الاختلالات، وبين الاختلاف المستند إلى معارضة تسعى لعرقلة المسيرة، وإشاعة الفوضى، ونشر الأفكار الظلامية، وصولًا إلى تدمير الإنجازات، ونشر الإحباط، وزرع الفتن بين مكونات الشعب الواحد. فالاختلاف الأول (المعارضة الوطنية الراشدة) محمود، بل ومطلوب، بينما الاختلاف الثاني (المعارضة الممتدة خارجيًا) مرفوض شكلًا ومضمونًا وقولًا واحدًا. منسوب الوعي المجتمعي ومستوى نضج التجارب السياسية في أي بلد هو ما يحدد الخيط الرفيع بين الاختلاف لأجل الوطن، وبين الخلاف معه!
*السيد محمود الملكاوي.. كانت مداخلته في هذه النقاط..
*المحامي أمجد خريسات.. اختصر وجهة نظره بالآتي.. لاشك في أن الاختلاف سمة بشرية خلقها الله في البشر ولا يمكن إنكارها..وإن الاختلاف كما يقال لايفسد للود قضية وان الاختلاف في مصلحة الوطن هو امر صحي لان لكل إنسان وجهة نظر حسب ثقافته واطلاعه وسعه إدراك للامور وبالتالي فإن الاختلاف الحقيقي القائم على حب الوطن هو محمود دون أدنى شك فالأوطان لا تنهض.. برأيّ واحد.. ولا تستقيم.. إن غاب عنها التنوع.. اما التختلاف لاجل الخلاف فقط دون ان يكون مستندا الى حب الوطن ومصلحته العليا فهو كن الخطورة تكمن لاشك يؤدي الى الهدم وليس البناء وحينها يتحول هذا الاختلاف إلى معارك شخصية.. وصراعات عبثية.. يغيب عنها الهدف الأسمى وهو مصلحة الوطن.. اما المعارضة الحقيقية التي تهدف إلى رفعة الوطن فهي المعارضه البناءه التي تهدف الى السعي نحو التقويم والإصلاح الحقيقي دون الاعتماد والانقياد الى اجندات خارجية تهدف الى زعزعة امن واستقرار الوطن فهذه معارضه الهدف منها بالتأكيد لايصب بمصلحة الوطن. ختاما نحن دائما مع الوطن ودائما مع المعارضه التي تصب في مصلحه الوطن.
عندما أتحدث عن الوطن كثيراً ما أجد في تعدد وجهات النظر إفادة و اجد الكلام في السياسة مباح ضمن سقف الوطن في اي شيء لاجل بناء الوطن و الاختلاف في الرأي فيه إثراء و يخدم الوطن وتعدد الآراء ما كان يوما قد أفسد للود قضية.
من حقنا أن ننتقد سياسات الحكومات وأن نختلف معها، وأن نمعن في رصد أخطائها، ومن حقنا أن ننصب الميزان ونضع كشف الحساب لكل فاسد أو ناكر للجميل ممن أساء لهذا الوطن وأبنائه ومنجزاته لكن من غير شطط أو تجني، وإنكار لأدوار قامت بتنفيذها أيادي بيضاء، ما زلنا نعيش ببركة ما صنعته، فليس كل شيء مظلم حتى وإن كان يلوح في الأفق ظلام، فليس كل ظلام دامس فالقمر عادة ما يضيء عتمة السماء. لا يختلف اثنان على الحق في المعارضة وفي الشك والاختلاف في الرأي، فالنزعة الشكيّة ذات أهمية كبيرة في الفكر السياسي، حتى أن عمل المحققين مبني على الشك لحين التثبت من الحقيقة والوصول إلى اليقين، لكن لا يجب أن يقودها ذلك إلى الإدمان على التشكيك الذي يرفع وتيرة الاستقطاب والغاء الآخر، ويخلق حالة من الارباك والتشويش في المجتمع، ويفقد المواطنين الثقة بالوطن وقياداته ومؤسساته، لذا فمشكلة المعارضة وأصحاب الراي المختلف في كثير من الأحيان تكمن في خطاب العداء والكراهية الذي يغلّف أقوالها وأفعالها، ويجعلها دائمة الاعتقاد بأن كل شيء أسود.
فالموضوع من عنوانه هو اختلاف بحد ذاته!! ومن هنا فإن طرفي المعادلة في ضياع وكل منهم يتهكم على الاخر،، والخطأ الشائع لدى حزب من يدير الدولة فانه يعكس انجازات الدولة له (وهذا غير صحيح) فمثلا الامور الامنية واستراتيجيات اسس رفاهية الامة من مشافي وصحة وقائية وشبكات طرق وطاقة ومياه فجميعها ليس لمن يدير الدولة اي علاقة بها استراتيجيا وانما من يدير الدولة وظيفته هو ان ينفذ من وضع هذه الاستراتيجيات والذي لا احد يعلم من وضعها حقا، ولذلك نجد ان النقاش لا يستند إلى ارضية يتفق عليها الطرفين وحتى وصل الأمر إلى من يدير الدولة عاجز عن الدفاع عن ادارة الدولة ومن هنا نجد ارباب الدولة ذو صفات عدم الكلام والاستماع وإبداء الرأي وفي حين ان المعارضة تتكلم وبحدود ما تعرف عن امورها الحياتية ولكنها لا تعلم خبايا الدولة وعلى ماذا تعتمد.
وعليه من لا يحترم الناس فالناس لا تحترمه.
“الاختلاف لأجل الوطن” تحمل مضمونًا عميقًا ونبيلًا، وتعني أن اختلاف الآراء والتوجهات ليس غاية بحد ذاته، بل وسيلة لخدمة الصالح العام، فنحن نختلف لا لننتصر على بعضنا، بل لننتصر جميعًا للوطن حيث ان الاختلاف البناء يجب ان يعكس ثقافة الحوار وتنوع الرؤى التي تساهم في إيجاد أفضل الحلول وان الغاية من الحوار أو النقد أو المعارضة ليست شخصية أو مصلحية، بل وطنية لان الوطن يجب ان يكون فوق الجميع وان تُقدَّم مصلحة الوطن على كل اعتبار حزبي أو طائفي أو فردي، ولكن وللاسف اصبح الاختلاف اليوم هو في مفهوم الخلاف لتحقيق المصالح الشخصيه الضيقة وفي نفس السياق اصبح المنتقد للسياسات الفاشلة ولو كان نقده للمصلحة الوطنية العامة الا ان بعض المتنفعين يواجهوه بالنقد اللاذع والاحباط وكيل التهم له ،،،الاختلاف لاجل ومن اجل مصالح الوطن العليا هو الانتماء والولاء بعينه.
الإختلاف لأجل الوطن يعني أن نرتقي به للأفضل وان نصل معا الي نقطة التقاء اما ذاك المذموم هو الخلاف الذي ليس له ارضية مشتركة ينطلق منها بل هي اهواء ورغبات في فكر وعقل راعيها ومثل هذه تؤدي الي الإصطدام او الإقتتال لان المعني هنا هي المصالح الضيقة والشخصية، وكثيرة هي الامثلة التي ادت الي خراب الأوطان. من هنا يجب أن نسعى دائما الي إيجاد نقاط الالتقاء وليس البحث عن نقاط التفرقة الجامدة التي تتحطم عليها كل سبل التسوية ومعظم الأحيان تكن الغاية إنهاء الدولة او الوصول للحكم وفي كلتا الحالتين قتلت مصلحة الوطن وهذا ما يجعل الوطنيون يتمسكون بوحدتهم وينادون بها دائما ويستقطبون الكثيرين حولهم.. لكن ثقوا أن من يسعى للخراب ستجد فقط منهم على شاكلته وغالبا لا ينجح وان نجح يكون قد اراق دماء كثيرة جنب بلدنا الخلاف والاختلاف الذي يؤدي للاحتراب ونعظم الخلاف على قاعدة مشتركة ونلتقي على مصلحة الوطن وديمومته.
"الاختلاف في وجهات النظر لا يبطل من المودة شي، والخلاف او الاختلاف لا يعني رفض كل ما يفكر به الآاخر و بالتأكيد اخيرا هو لصالح الوطن ما دام توفرت حسن النية. يعتبر الخلاف في وجهات النظر حالة طبيعية حتى في مواضيع العقيدة في كل المجتمعات، وهو اختلافات في طرح وجهة النظر او الفكرة و لولا الاختلاف لما كان هناك تجديد و تطور خصوصا في الحياة السياسية و الاجتماعية و هو نوع من الشورى بين الناس ، يؤخذ ببعضها و يترك الآخر و يزيد الخبرة والتجربة الشخصية و العملية خصوصا ان كان لخير الامة و طبق فيه ( قل خيرا او اصمت). ما دام الخلاف مبني على منطق وحسن نية و سعيا للمصلحة العامة ، هذا الخلاف بالتأكيد قوة للوطن ودافع للتطوير. الخلاف الإيجابي بوابة للتطور و النمو الفكري و السياسي البناء إذ يعتبر الحوار حتى و لو اشتد به الخلاف كاشف لأخطاء قد تكون غائبة او مغيبة مع فاعليتها لتطوير الوطن كيف لا وهي تساهم في حياة المواطن و رفعة الامة ، مع احترام الرأي الآخر حتى لو اختلفنا مع صاحبه او مع الرأي نفسه عندها تغلب المسؤولية على الأنا و يصبح الخلاف وسيلة لتصحيح المسار، وكشف الأخطاء واقتراح البدائل.. و هو نوع من أنواع الشورى " و أمرهم شورى بينهم" ومن هنا وجدت المجالس الاستشارية. وان لم يحترم الرأي الآخر عندها نتكلم عن تكميم الأفواه و مصادرة للحرية ليعود الحوار بشكل آخر على الصفحات الصفراء او معاول الهدم من اللقاءات و التي لا يدعى لها الا من اتفق مع ادارة الحوار و قد يخرج من ذلك ما لا تحمد عقباه للوطن و المجتمع بأسره.. "و قل اعملوا فسيرى الله عملكم".
في وطن بحجم الأردن، وفي ظل هذا التنوع الكبير في التوجهات الفكرية والسياسية، بات هذا التعدد والاختلاف ضرورة حتمية لضمان استمرار الدولة قوية، عزيزة، ومزدهرة. إلا ان المفارقة تكمن في ان هذا التنوع، الذي يفترض به ان يكون عنصرا إيجابيا، قد تحول في بعض الاحيان إلى عبء، بعدما اختلطت المواقف، وتشابهت الشعارات، واصبحت الصورة ضبابية في اذهان الناس، حتى بات من الصعب التمييز بين من يعمل لصالح الوطن، ومن يسعى وراء المكاسب الخاصه له وللجهة التي ينتمي اليها. فالاحزاب السياسية التي كانت يوما حلما وطنيا، واداة لبناء الدولة المدنية الحديثة، قد اصبحت كثيرة العدد، ضعيفة التأثير، متشابهة في الطروحات، وغائبة عن نبض الشارع. وبدل ان تكون محركا للتنمية والتغيير، تحولت إلى كيانات شكلية تفتقر إلى العمق الشعبي والفاعلية السياسية. أما المعارضة بشكل عام، فمهما كانت درجة معارضتها وقوة تأثيرها لا بد لها ان تقف في صف الوطن والمواطن، وان تحتكم الى النزاهة في مواقفها، والوضوح في انتمائها. فالمعارضة التي ترتبط أجندتها بغير الوطن لا نحتاج اليها وغير مرحب فيها في وطننا العزيز. من جهة اخرى إننا اليوم بحاجة ماسة إلى ترسيخ ثقافة الاختلاف البناء، وتقدير دور المعارضة كركن أساسي في الحياة الديمقراطية، والاعتراف بان النقد الموضوعي هو اداة للاصلاح، لا مدعاة للخصومة، وللاسف لا تزال بعض الخلافات تؤخذ على محمل شخصي، وقد تتحول إلى صراعات تتطلب تدخل الجاهات او المرور عبر بوابات وحدة الجرائم الالكترونية، حيث ان الاغلبية ما زالت ترفض الرأي الآخر ولا تتقبله. ان بناء الدولة لا يتم بالتشابه، بل بالتعدد المتزن، والمشاركة الحقيقية، والتنافس الشريف في خدمة الوطن لا على حسابه. |
| الاسم : * | |
| البريد الالكتروني : | |
| التعليق : * |
بقي لك 500 حرف
|
| رمز التحقق : |
أكتب الرمز :
|
برمجة واستضافة