هل ينجح الفريق الوزاري المعدَل في إنعاش الاقتصاد الأردني؟
د. محمد حيدر محيلان
07-08-2025 03:08 PM
لا يزال الاقتصاد الأردني يواجه تحديات مركبة، من تصاعد المديونية وتباطؤ النمو، إلى بطالة شبابية مرتفعة، وبيروقراطية تقيد حركة الاستثمار. ومع التعديل الوزاري الأخير، يُطرح سؤال جوهري: هل يحمل الفريق الجديد رؤية وقدرة حقيقية على إحداث انعطافة اقتصادية، تخرج الأردن من عنق الزجاجة نحو الانفراج والانتعاش؟
الواقع أن الأزمة الأردنية ليست اقتصادية فقط، بل إدارية – سياسية في جوهرها، حيث تُثقل البيروقراطية كاهل المؤسسات، ويغيب القرار الجريء في فتح المسارات التنموية. ما يحتاجه الأردن ليس مجرد تدوير أسماء، بل إصلاح جذري يُعيد تعريف دور الدولة في التنمية، ويطلق طاقات القطاع الخاص، ويرفع سقف الكفاءة والمساءلة في الجهاز الحكومي.
في هذا السياق، تُقدَّم تجربة ماليزيا كنموذج قابل للاستلهام. فهذه الدولة خرجت من أزمات الفقر والتخلف خلال عقود قليلة عبر رؤية استراتيجية واضحة مثل “رؤية 2020”، ومبادرات إصلاحية جريئة، كان من أبرزها تأسيس وحدة تنفيذية تُدعى PEMUDAH، اختصارًا لـ “فريق المهام الصعبة لتسهيل بيئة الأعمال”، والذي عمل على تقليص الإجراءات الحكومية، وتحفيز بيئة الاستثمار، وربط الأداء الإداري بمؤشرات واضحة ونتائج قابلة للقياس.
التجربة الماليزية لم تُبنَ على الرؤية فحسب، بل على الاستمرارية المؤسسية والالتزام الحكومي، بعيدًا عن التغيير المزاجي أو السياسي. وقد استطاعت أن تنوّع اقتصادها، وتخفف من وطأة الديون، وتحقق نموًا حقيقيًا في الدخل والفرص.
في المقابل، يمتلك الأردن مقوّمات النجاح واعدة: كالموقع الاستراتيجي، ورأس مال بشري متعلم وخبرات كبيرة، وبنية تحتية معقولة يمكن تطويرها، وعلاقات دولية متينة، ما ينقصه هو إرادة إصلاحية جريئة، تنقل الحديث عن “تحسين بيئة الأعمال” من الخطابات إلى الأفعال، وتضع خطة اقتصادية وطنية طويلة الأمد لا تتغيّر بتغيّر الوزراء.
واظن ان دولة الدكتور جعفر حسان يحمل في اعتقاده ونواياه الاصلاح والتطوير ، فهل يتعاون الفريق الوزاري مع المطلوب منهم أن يعالجوا من أولويات محددة: كتحرير القطاع الخاص من البيروقراطية.و ضبط الإنفاق العام ورفع كفاءة المال العام. بما ينعكس على دعم التشغيل من خلال الريادة والصناعات الصغيرة. ثم تبنّي الاقتصاد الأخضر والتقني كرافعة نمو جديدة. والعمل على محاربة الفساد الإداري بأدوات مستقلة وشفافة ، نأمل ذلك.
الرهان اليوم ليس فقط على الأشخاص، بل على المنهج؛ فإن امتلكت الحكومة خطة تنفيذية تُراقب وتُقاس، ودعمتها إرادة سياسية عليا، يمكن للأردن أن يسلك طريقًا شبيهًا بما سلكته دول نهضت من الصفر.
فالوقت لم يعد يسمح بمزيد من الانتظار، والمرحلة تتطلب قرارات كبيرة تعادل حجم الأزمة وسرعة في التطبيق ومتابعة في القرارات.
استاذ الادارة العامة - معهد الادارة العامة- السعودية