facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




لقاء التيار الديمقراطي .. خطوة بروتوكولية بلا روح مشروع


م. عامر البشير
11-08-2025 01:55 AM

تمهيد
في لحظة سياسية دقيقة يعيشها الأردن، حيث تضغط الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية على القوى الديمقراطية لتقديم بديل واقعي ومقنع، جاء لقاء «توحيد التيار الديمقراطي» الأخير محمّلًا بآمال كبيرة، لكنه خرج إلى العلن أقرب إلى عرض إعلامي متقن الإخراج منه إلى خطة استراتيجية متكاملة، كان الأجدر أن تتبع الخطط الإعلان، لا أن يسبقها العنوان.

مقدمة
في السياسة، كما في المسرح، قد يخدعنا ضوء الكشاف للحظة فنظن أننا أمام مشهد تاريخي يعلن ميلاد مشروع طال انتظاره، لكن ما إن تنطفئ الأضواء ويُسدل الستار، يتضح أن ما شاهدناه ليس سوى عرض جميل الشكل، بينما النص الحقيقي لم يُكتب بعد.

هذا الانطباع هو ما خرجت به من متابعة اللقاء الأخير؛ شعارات لامعة ووعود رنانة، لكن الجوهر غائب، كإطار فخم يحيط بلوحة بيضاء، كان الأولى قبل رفع شعار الوحدة ترميم البيت الداخلي لكل حزب، بعدما نخرت الخلافات جدرانه، ومعالجة جراح العلاقة بين هذه القوى من خلال ورش عمل سياسية جادة، قبل الوقوف أمام عدسات الكاميرات.

خلفية المشهد
ليست محاولات جمع صفوف التيار الديمقراطي في الأردن وليدة اللحظة؛ فمن تجربة «التحالف المدني» عام 2018 التي تعثرت رغم زخمها، مرورًا بانتخابات 2024 التي تحوّل فيها حلم القائمة الموحدة إلى معركة داخلية انتهت بلا أي مقعد للتيار الديمقراطي، تكشّف أن الإخفاق عميق الجذور: أزمة رؤية، ارتباك في آليات العمل، وتصدّع في العلاقات الداخلية.

وهذه ليست حالة أردنية خالصة؛ فالكثير من التجارب اليسارية والديمقراطية في العالم العربي سقطت للأسباب نفسها، غياب المشروع الجامع، وتغليب الشخصي على المؤسسي، وحتى حين نجحت بعض المحاولات، كما في «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» في الجزائر أو التحالفات النقابية في تونس، كان النجاح مرهونًا بوجود ميثاق عمل واضح ومؤسسات فاعلة.

الشكل حاضر… والجوهر غائب
تحت لافتة «توحيد التيار الديمقراطي» اجتمع الحاضرون، لكن ما جرى خلف الأبواب المغلقة لم يكن تأسيسًا لمشروع وطني راسخ، بل إعادة تدوير للتناقضات القديمة، امتلأت، القاعة بالوجوه، وغابت الفكرة؛ حضر العنوان، وتوارَت الروح. بدا المشهد أقرب إلى مؤتمر صحفي منه إلى ورشة تفكير استراتيجي، حيث طغت الكاميرات والتصريحات المقتضبة على أي نقاش جاد حول برنامج سياسي مشترك أو آليات عمل مُلزمة.

الوحدة بين الشعار والمضمون
الوحدة الحقيقية ليست صورة جماعية أو بيانًا صحفيًا، بل رؤية واضحة، وتوزيع منصف للأدوار، وتخلٍ عن عقلية «الزعيم الأوحد» لصالح قيادة جماعية، التجارب الناجحة، من «التحالف التقدمي» في البرتغال إلى تحالفات الخضر في أوروبا، انطلقت من برامج متفق عليها، وآليات تضمن استمرار الشراكة رغم الخلافات، ثم جاءت الأضواء لتوثّق نجاحًا قائمًا، لا لتجمّل فراغًا.

من أزمة الأشخاص إلى أزمة البنية
غياب القيادات القادرة على صياغة مشروع جامع كان واضحًا في اللقاء، لكن الأزمة الأعمق تكمن في هشاشة البنية التنظيمية:
غياب أنظمة واضحة لتداول القيادة.
غياب آليات مؤسسية لاتخاذ القرار.
غياب منصات دائمة للحوار الداخلي.
هذه الثغرات تجعل أي محاولة للوحدة عرضة للانهيار عند أول اختبار انتخابي، كما حدث سابقًا، وكما شهدته تجارب عربية مشابهة.

خطوات نحو وحدة حقيقية
لتحويل التنسيق الشكلي إلى وحدة فعلية، هناك خطوات لا بد منها:
ميثاق سياسي مُلزم يحدد الرؤية والبرنامج وآليات العمل.
نظام تناوب قيادي يكسر احتكار المواقع.
هيئة تنسيق دائمة تلتقي بشكل دوري لضمان استمرار الحوار.
لجنة مراجعة علنية تصدر تقريرًا بعد كل استحقاق انتخابي لتعزيز ثقافة المحاسبة.
تمكين الشباب بسلطات حقيقية لضخ دماء جديدة.

خاتمة
اليوم، يبدو التيار الديمقراطي كفرقة موسيقية ما زالت تعزف لحنًا قديمًا فقد إيقاعه، بينما ينتظر الجمهور معزوفة جديدة تليق باللحظة، لن يتغير المشهد ما دام الكرسي أثمن من الفكرة، والموقع أقدس من المشروع، حين يصبح المقعد وسيلة لا غاية، وتتحوّل الغيرة على الزعامة إلى غيرة على الوطن، يمكن عندها أن تُعزف سمفونية الإصلاح.

حينها فقط، لن يكون «توحيد التيار الديمقراطي» صورة على لافتة، بل ميلاد مشروع وطني يطرق أبواب الناس، لا أن يكتفي بالتصفيق في قاعة مغلقة، والسؤال الذي يفرض نفسه الآن، هل يملك التيار الشجاعة ليضع المشروع فوق الأسماء، أم يصرّ على تدوير فشله بيده؟.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :