facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




بين الأسماء والنهج .. قراءة في التعديل الوزاري


فراس النعسان
11-08-2025 01:42 PM

لا تأتي التعديلات الحكومية كأمطار الصيف، عابرةً بلا أثر، بل كظلّ غيمة تقف فوق مدينة تنتظر المطر بلهفة وحذر معًا. التعديل الأخير في الحكومة الأردنية بدا كمن يضع مرآة جديدة أمام وجه الدولة، ليختبر ملامحها في زمن تتزاحم فيه المرايا، وتتداخل فيها الانعكاسات بين ما هو وعد وما هو اختبار.

الوجوه الجديدة التي دخلت المشهد السياسي تشبه بذوراً وُضعت في تربة طالها الجفاف، لكنها ما زالت تحتفظ بقدرتها على الإزهار إن وجدت ماء الرؤية وشمس الإرادة. بعضها يجيء محمولًا على ذاكرة من الإنجاز، وبعضها يحمل وعودًا في عينيه أكثر مما يحمل في يديه، وفي الحالتين يظلّ الأمل هو العملة الوحيدة التي لا يفلس منها شعبٌ يعرف كيف يحرس صموده بالصبر.

ومع ذلك، فإن العارفين بطبيعة الطريق يدركون أن تبديل الأسماء لا يعني بالضرورة تبديل المصير، فالبحر نفسه هو الذي يختبر المراكب، وليس العكس. المطلوب أن تُصنع سياسات تخرج من أسر اللحظة إلى أفق طويل، وأن يُمنح القادمون الجدد حرية الفعل قبل أن يُقاس عليهم الحساب.

لكن التفاؤل وحده لا يبني مدنًا، ولا يرمم جسور الثقة بين الشارع والحكومة. هنا، لا بد من برنامج عملي، يخرج من لغة الوعود إلى لغة التنفيذ، ويستند إلى خمس ركائز أساسية:

1. الشفافية القصوى: أن تُفتح النوافذ أمام الناس ليروا ما يجري داخل الغرف المغلقة، فالثقة تُبنى على الوضوح لا على الغموض.

2. المساءلة الحقيقية: لا أحد فوق المحاسبة، والمواطن يريد أن يرى الفعل قبل أن يسمع التصريح.

3. إشراك المجتمع: ليس عبر استطلاعات شكلية، بل في صياغة القرار ورسم السياسات.

4. الأولويات الواقعية: أن تُقدَّم معارك الخبز والتعليم والصحة على كل معركة أخرى، لأن الجائع لا يعنيه جمال الخطاب.

5. قياس الأداء المعلن: أن يكون هناك ميزان واضح لنجاح أو إخفاق كل وزير، يُعلن للرأي العام بلا مواربة.

إنّ هذه الركائز ليست ترفًا سياسيًا، بل جسرًا يربط ضفتي الثقة بين الشارع وصاحب القرار. التعديل الوزاري حين يُبنى على رؤية، يصبح أشبه بعملية زرع قلب جديد في جسد الدولة، قلب يعرف أن النبض ليس غاية، بل وسيلة للحياة.

التعديل هنا ليس غاية في ذاته، بل بدايةٌ لامتحان جديد في كتاب قديم، عنوانه: كيف نحافظ على ما نحن عليه، ونمضي في الوقت ذاته إلى ما لم نكنه من قبل. وبين هذين السؤالين، يظلّ التفاؤل الحذر هو المركب الوحيد الذي لا يغرق إن كان شراعه من قناعة وإيمانه من أفق واسع.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :