الشرق الاوسط بين الصراع والفوضى
سامي شريم
13-08-2025 04:38 PM
الشرق الاوسط منطقة مضطربة تحكمها صراعات مستمرة وفوضى منظمة تتداخل فيها المصالح الاقليمية والدولية الصراعات الكبرى في٣ هذه المنطقة لم تنشأ فجأة بل هي نتاج تراكم طويل من الاحداث والمخططات السياسية التي تمهد لاحتدام الصراعات وتغيير موازين القوى في الاونة الاخيرة اشعلت الازمات في الاقليم نيران كثيفة تهدف الى جذب القوى الغربية الى قلب الميدان وتحولت الصراعات من نزاع محلي الى ساحة اقليمية ودولية.
برزت احداث مثل طوفان الاقصى وقصف بيروت وسقوط الاسد وحرب الكيان مع اير ان طوفان الاقصى مثلا كان فرصة لتحريك الملفات المتراكمة لكنها لم تكن تهدف بالدرجة الاولى الى تحقيق التحرير الكامل بقدر ما ركزت على قضايا محددة كتحرير الاسرى وتوجيه ضربة للمشروع الصهيوني الذي تأثر بشكل بالغ وأظهر هشاشته رغم قوته الظاهرة في المقابل كشف هذا الصراع عن عجز واضح في بنية الكيان التي عجز عن حماية امن مواطنيه وعجز عن تحقيق اي من الاهداف التى رصدها رغم قدراته التدميرية الهائلة للمدن السكنية والجوامع والكنائس والمستشفيات وسيارات الاسعاف والصحفين والاطفال والنساء والشيوخ والحوامل واثبت الجيش الذي لايقهر( بعد ان تم قهره) انه جيش قاتل وليس جيش مقاتل يفر مرعوبا امام ابطال المقاومة الذين سطروا معجزات في الاستبسال والصمود يشهد لها العالم اجمع .
العقل الامريكي الذي تم بناؤه عبر عقود من الاستراتيجيات العسكرية والسياسية بقيادة قادة عظماء وضع اوروبا تحت السيطرة الدائمة من خلال تحالفات واتفاقيات عسكرية وتجارية مكنت واشنطن من التحكم في مصير القارة في المقابل تبقى روسيا قوة عريقة لها تاريخ طويل في حسم الصراعات الكبرى متجاوزة تحديات كثيرة كانت بمثابة امتحانات حقيقية لعظمة الدولة من مواجهة بسمارك و نابليون وهتلر والتنين الصيني الى تجاوز ازمات داخلية عميقة واعادة بناء قوتها العسكرية والسياسية رغم الضغوط الدولية.
الشرق الاوسط اصبح اليوم مركز صراع عالمي يسعى البعض لتحويله الى منصة لحكم العالم واعادة انتاج الصراعات القديمة عبر استغلال الاديان والمقدسات لتمرير اجندات سياسية لكن الحرب الحالية كشفت النقاب عن هشاشة الدولة التي تعتمد على العنصرية والفصل وأظهرت ان قدراتها محدودة وان وجودها معرض للخطر في ظل تصاعد التوترات المتعددة الاوجه.
المضحون في هذه الحروب ليسوا فقط الابرياء من المدنيين بل حتى مشعلي الحروب والمتسلقون على هامش الصراعات يدفعون ثمن باهظ حيث تنحدر انسانيتهم الى ادنى المستويات بفعل جرائمهم بينما العقل الشرقي يظل يعيش في دائرة الثأر والتاريخ يرى الموت كبداية لمرحلة جديدة والعقل الغربي يقيس الحروب بموازين الربح والخسارة ويبحث عن مكاسب استراتيجية اكثر من النظر الى العواقب الانسانية.
على الرغم من التصريحات والشعارات التي تعلن وقف الحروب الا ان الواقع يثبت ان دائرة الصراعات في المنطقة تزداد اتساعا وتعقيدا مع وجود شبكة مصالح عنكبوتية تهيمن على القرار العالمي تتحكم في اشعال المعارك ثم تخمدها الى حين.
في نهاية المطاف تظل الفوضى الخلاقة هي السمة الابرز في هذا المشهد مما يعكس حقيقة ان السيطرة المطلقة على العالم غير ممكنة وان الصراعات في الشرق الاوسط ما هي الا انعكاس لصراعات اعمق واكبر على مستوى القوى العالمية