أوهام "إسرائيل الكبرى" .. الهروب الأخير لرجل مأزوم
د. ماجد عسيلة
14-08-2025 02:11 PM
أطلق رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو في ظهوره الأخير تصريحات مشبعة بالهذيان السياسي، متحدثا عما يسميه "رؤية إسرائيل الكبرى".
لم تكن هذه التصريحات سوى إعادة تدوير لأحلام استعمارية لفظها التاريخ منذ زمن بعيد، لكنها عادت على لسان رجل مأزوم يبحث عن أي وسيلة لإرضاء جمهوره اليميني المتطرف، ولو كان الثمن استقرار المنطقة بأسرها.
تاريخ المنطقة أوضح من أن يزوّر بخطاب إعلامي؛ فكرة "إسرائيل الكبرى" ولدت مع المشروع الصهيوني أواخر القرن التاسع عشر، لكنها اصطدمت بصلابة الجغرافيا وقوة الشعوب والقوانين الدولية التي أجهضت كل محاولة لفرض حدود استيطانية جديدة، ونا إعادة إحياء هذا الوهم اليوم ليس سوى دليل على العجز عن تقديم أي رؤية سياسية واقعية، أو خطة للخروج من الأزمات الداخلية المتلاحقة.
السيادة الأردنية ليست خطوطا حمراء فقط
حين يتحدث نتنياهو عن "إسرائيل الكبرى" فهو يغمز من قناة سيادة الأردن والدول العربية، في تعد صارخ على القوانين الدولية وميثاق الأمم المتحدة، لكن الأردن الذي يقف شامخا بقيادته الهاشمية وجيشه ومؤسساته الوطنية، يعرف كيف يحمي حدوده وقراره وسيادته، فهذه الأرض ليست خطوطا على الورق، بل جدار من الإرادة الصلبة، لا يمكن تجاوزه ولا حتى الاقتراب منه.
من يعرف السياسة الإسرائيلية يدرك أن تصريحات نتنياهو ليست رسالة قوة، بل صرخة ضعف، فالرجل غارق في أزمات داخلية خانقة من احتجاجات الشارع إلى ملفات الفساد، صراعات الأحزاب، وتراجع مكانته حتى داخل أوساط اليمين الذي حاول شراء ولائه.
أمام هذا الواقع يلجأ إلى افتعال صدامات خارجية، وصناعة عدو وهمي، ليصرف الأنظار عن فشله الذريع.
الرد على هذه التصريحات لا يكون بالشجب وحده، بل بفضح حقيقتها أمام الرأي العام العالمي، فهي ليست خطط دولة واثقة، بل هذيان سياسي لرجل على حافة السقوط.
الأردن سيبقى كما كان دائما، سدا منيعا أمام أي مشروع توسعي، وثابتا في دعم الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة، وفي حماية القدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية.
يمكن لنتنياهو أن يرسم الخرائط على الورق كما يشاء لكن الجغرافيا لا تخضع للوهم، والتاريخ لا يكتبه المهزومون، والسيادة الأردنية والعربية ليست بندا للتفاوض ولا موضوعا للمساومة، فهذه المنطقة باقية بأرضها وشعوبها، بينما تتساقط مشاريع الاحتلال تباعا، مهما علا صوت التطرف.