facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




رصاصة نتنياهو .. حين تتحول "إسرائيل الكبرى" لإعلان حرب على الأمة


أ. د. هاني الضمور
14-08-2025 08:28 PM

تصريحات بنيامين نتنياهو الأخيرة ليست مجرد تهديدات لفظية أو دعاية انتخابية، بل هي رصاصة سياسية تطلق نحو قلب الأمن العربي. الرجل الذي يفاخر بمشروع “إسرائيل الكبرى” يتحدث وكأنه يملك تفويضًا تاريخيًا لإعادة رسم خرائط المنطقة على أنقاض القانون الدولي، متجاهلًا أن الأمة التي يحاول إخضاعها تمتد من المحيط إلى الخليج، وأن أي مساس بجزء منها سيشعل ردًا يتجاوز الحدود.

نتنياهو ليس سياسيًا تقليديًا، بل امتداد صريح لمدرسة استعمارية إرهابية بدأت مع جابوتنسكي وشتيرن وبيغن وشامير. وهو يدرك أن مشروعه لا يمكن أن ينجح إلا إذا استمر الانقسام الفلسطيني، وظل الموقف العربي هشًا، وحافظ على الدعم الأميركي المطلق، وبقي الإعلام العالمي تحت نفوذ ماكينة الدعاية الإسرائيلية. هذه ليست قوة حقيقية، بل ظروف مؤقتة، وقد بدأت ملامح تحولها بالظهور مع تصاعد الاحتجاجات العالمية ضد الاحتلال، وصدور تقارير حقوقية تكشف جرائم الإبادة الجماعية، وتضع إسرائيل في دائرة العزلة والإدانة.

العربي، منذ طفولته، يعرف أن الإسرائيلية مشروع توسعي اقتلاعي إحلالي، وأن معادلة “إسرائيل = الحرب” و”الاحتلال = المقاومة” هي قانون لا يتغير. والشعب الفلسطيني، شعب الجبارين، يواصل مقاومته بأشكال لا تحصى: انتفاضات، حجارة، عمليات فدائية، طوفان الأقصى، وغيرها من الإبداعات النضالية التي تثبت أن إرادة التحرر لا تنكسر.

لكن الرد على نتنياهو اليوم لا يجب أن يقتصر على تكرار بيانات الرفض والشجب. نحن بحاجة إلى استراتيجية هجومية ذكية، تبدأ بفضح تناقضات المشروع الإسرائيلي وتعرية أدواته الناعمة التي يتسلل بها إلى المؤسسات الدولية، مرورًا باستثمار ما يعرف بـ”المنطقة الرمادية” — أي المساحات القانونية والسياسية والإعلامية التي تتيح التحرك المكثف دون منح الاحتلال فرصة لاستثمار موقف الضحية.

مثال حي على هذا النوع من العمل هو ما كشفه تقرير منظمة العفو الدولية “الأبارتهايد الآلي” (2023)، الذي وثّق استخدام الاحتلال لأنظمة التعرف على الوجه مثل “ريد وولف” و”مابات 2000” لمراقبة الفلسطينيين وتحويل حياتهم إلى سجن رقمي. هذه الحقائق لا تكتفي بكشف الممارسات، بل تضع صورة إسرائيل أمام جمهور عالمي يرفض القمع التكنولوجي، وتضرب أسواقها التي تعتمد على تصدير تكنولوجيات الأمن والرقابة.

الأردن، بصفته صاحب الوصاية على المقدسات وخط الدفاع الأول عن الضفة الغربية، عليه أن يتعامل مع تصريحات نتنياهو كتهديد وجودي مباشر، لا كحدث سياسي عابر. الرد الأردني يجب أن يجمع بين التحرك الدبلوماسي النشط في الأمم المتحدة، وبناء تحالفات عربية وإسلامية ودولية ضاغطة، واستثمار الاتفاقيات الثنائية كأوراق ضغط، مع دعم مباشر للمشاريع التنموية والبنى التحتية في فلسطين لإثبات أن البديل عن الاحتلال ليس الفوضى بل دولة قابلة للحياة.

المعركة الحقيقية ليست فقط على الأرض، بل على الوعي الدولي. إذا نجحنا في إعادة صياغة صورة الصراع من نزاع حدودي إلى قضية تحرر وحقوق إنسان، فإن خطاب نتنياهو سيتحول من خطاب قوة إلى خطاب دفاع عن سجل أسود. هذا يتطلب تحركًا عربيًا منظمًا يدمج بين المقاومة الشعبية، والتحرك القانوني، والحشد الإعلامي العالمي.

وفي النهاية، إذا كان نتنياهو يظن أن طريق “إسرائيل الكبرى” معبّد بانتصارات سهلة، فعلينا أن نثبت له أن هذا الطريق مليء بالمفاجآت التي لم يحسب لها حساب: مقاومة لا تهدأ، وفضح حقوقي يعرّيه أمام العالم، وحراك سياسي يطوّق مشاريعه. عندها فقط سيدرك أن الرصاصة التي أطلقها على الأمة العربية قد ارتدت في صدره.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :