facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




تصريحات نتنياهو وزمرتهُ .. هندسة الوعي قبل هندسة الجغرافيا


صالح الشرّاب العبادي
16-08-2025 03:35 PM

في السياسة، أخطر الحروب هي تلك التي تُدار في العقول قبل أن تُدار على الخرائط ، فما يقوله الزعيم ويتم ترديده تباعاً ممن يدعمه ، ليس دائمًا انعكاسًا لما سيفعله غدًا، بل لما يريد أن يهيئك لتقبّله بعد غد ، تصريحات بنيامين نتنياهو الأخيرة عن “إسرائيل الكبرى” ليست ضوضاء انتخابية او سياسية إرضائية داخلية او هرطقة عابرة، بل عملية ممنهجة لرفع سقف الممكن، حتى يصبح ما كان يومًا “خطاً أحمر” مقبولًا كحل وسط ، إنها هندسة وعي شاملة، تسبق أي تحرك ميداني، وتعيد تشكيل ميزان الإدراك العربي والدولي قبل أن تغيّر الخطوط على الأرض.

نافذة أوفرتون: رفع السقف لخفض التوقعات

يعتمد نتنياهو على ما يعرف بـ “نافذة أوفرتون” استراتيجية رفع سقف الخطاب إلى أقصى درجاته، بهدف جعل “الأقل سوءًا” مقبولًا لاحقًا ، فإذا كان الطرح الحالي هو “إسرائيل الكبرى”، فإن ضمّ كتل استيطانية كبرى وضم الضفة الغربية أو فرض إدارة أمنية او أممية دائمة على غزة ، سيبدو في نظر أطراف عربية ودولية، حلًا وسطًا مقبولًا مقارنة بالسيناريو الأقصى والأقسى .

جسّ النبض وبناء الردع النفسي

هذه التصريحات هي أيضًا اختبار ضغط: كيف ستكون أنواع وطبيعة ردود الفعل ، وكيف ستتصرف العواصم العربية؟ وما هو سقف الموقف الأوروبي والأمريكي؟ إذا جاءت ردود الفعل ضعيفة أو مترددة، سيرتفع منسوب المخاطرة الإسرائيلية، لتتحول التهديدات إلى خطوات عملية.

من الميدان إلى السياسة: لأمر الواقع

المشهد على الأرض من توسع المستوطنات إلى سيطرة الجيش الإسرائيلي على الأرض والمعابر والمياه والطرق ، يُعاد تأطيره الآن سياسيًا وإعلاميًا كمسار طبيعي نحو الضم ، وهكذا، تتحول الإجراءات الأمنية اليومية إلى حقائق سياسية لا رجعة عنها.

ترجيح المسارات: الضفة أولًا

الضفة الغربية هي المرشح الأبرز لخطوات ضمّ متدرجة، تبدأ من مناطق (ج) والكتل الاستيطانية وغلاف القدس، وربما بضمّ إداري و أمني من دون إعلان قانوني شامل ليفضي الى واقع جيوسياسي ديموغرافي مفروض ..
أما غزة، فالسيناريو الأكثر ترجيحًا هو التحكم بلا مسؤولية : سيطرة أمنية طويلة الأمد، تفكيك القدرات العسكرية، وإدارة مدنية مضطربة عبر قوى محلية أو إقليمية أو أممية ، او ادارة تابعة مسيطر عليها ، مع إنشاء “حزام أمني” يحيط بالقطاع ، وكما توقعنا في بداية الحرب ..

المؤشرات التي يجب مراقبتها
• تشريعات في الكنيست تمنح وزراء اليمين سيطرة أوسع على الإدارة المدنية في الضفة.
• مضاعفة البنى التحتية الاستيطانية وربطها مباشرة بالوزارات الإسرائيلية.
• تصعيد الاغتيالات والاعتقالات والإبعادات لضرب البنية السياسية الفلسطينية.
• تثبيت مناطق عازلة وحواجز دائمة في غزة.
• رسائل أمريكية وأوروبية مخففة النبرة أو مشروطة بوعود إسرائيلية فضفاضة.
• تهجير طوعي وقسري داخلي وربما يصبح خارجي في يوماً ما..

الموقف العربي: بين الممانعة والقبول الصامت

تسليم الدول العربية بالأمر الواقع يتوقف على ثلاثة عوامل:
كلفة الصمت على الاستقرار الداخلي، موقف الغرب، وميزان الردع على الحدود ، حتى الآن، السيناريو الأرجح هو : ممانعة سياسية وإعلامية، مع ضغوط دبلوماسية، وربما إجراءات اقتصادية وقانونية إذا تحولت التصريحات إلى قرارات ضمّ رسمية.

الأردن في خط التماس

بالنسبة للأردن، تشكل أي خطوة إسرائيلية نحو ضم شرق القدس أو الضفة الغربية والأغوار خطًا أحمر معلنًا، مع سلّم ردود يبدأ بالتصعيد الدبلوماسي وينتهي بمراجعة التزامات محددة قد تصل الى وقف او مراجعة في حال التمادي لدولة الاحتلال ، الأردن يعمل على تحصين الداخل اقتصاديًا وأمنيًا، وتنسيق موقف مشترك مع الفلسطينيين في الداخل ، ومصر والخليج لربط أي تعاون إقليمي بسلوك إسرائيلي قابل للقياس ، مع تحرك دولي واسع النطاق يقوده جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين مع دول العالم المؤثرة ..

مصر تتابع ملف الضم بصفته تهديدًا مباشرًا لاتفاقيات السلام واستقرار سيناء، وهي تدرك أن أي تصعيد في غزة سينعكس أمنيًا على حدودها ومعبر رفح. لذلك تتحرك القاهرة بين مسارين: وساطة لتفادي الانفجار، وتنسيق مع الأردن والخليج لبناء موقف عربي مشترك.

أما سوريا، فوجودها في معادلة الردع يبقى معقدًا؛ فهي ساحة مفتوحة للغارات الإسرائيلية ورسائل التوازن الإقليمي، ما يجعلها جزءًا من حسابات الضغط لكن دون قدرة على صياغة مبادرة مستقلة للوضع الداخلي المتردي والقابل للانفجار..

لبنان، بدوره، يعيش على خط تماس دائم مع إسرائيل فكل خطوة ضم في الضفة أو تصعيد في غزة تُترجم تلقائيًا في الجنوب اللبناني باحتمال انفجار واسع، وهو ما يجعل بيروت رغم أزماتها الداخلية المعقدة ، منخرطة في أي معادلة إقليمية ، في ظل نزاع داخلي على نزع سلاح حزب الله الذراع الذي تعتبره اسرائيل الخطر الأقرب دائماً.

النافذة الحاسمة

المرحلة القادمة المحتملة إذا لم تتوقف إسرائيل ، من ستة إلى اثني عشر شهرًا ، ستكون نافذة الحسم ، فكل شهر يمرّ دون تكلفة حقيقية على إسرائيل، يرفع احتمال انتقالها من الضم الزاحف إلى الضم القانوني الفردي الجزئي المدعوم أمريكياً والعاجز عربياً والمتواطئ غربياً ، عندها، ستصبح هندسة الجغرافيا أمرًا واقعًا، بعد أن اكتملت هندسة الوعي.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :